"أخرجه أبو داود بإسناد حسن" سكت عنه أبو داود "وأصله عند أحمد والثلاثة، وصححه الحاكم" على كل حال الحديث له طرق كلها لا تخلو من مقال، لكن مجموعها يدل على أن له أصلاً، فهو حسن.
في الحديث الذي يليه يقول -رحمه الله-:
"وعن أم سلمة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا كان لإحداكن مكاتب)) " يخاطب أمهات المؤمنين، وفي حكمها غيرها من نساء المسلمين ((إذا كان لإحداكن مكاتب، وكان عنده ما يؤدي فلتحتجب منه)) يعني ما يتصور أنه يعجز نفسه فيعود رقيقاً، المبلغ كامل عنده متوافر، فهذا في حكم الحر؛ لأنه لا يمنعه من الحرية إلا أن يؤدي هذا المبلغ الذي يملكه، أما إذا كان لا يملك المبلغ فمتصور أن يعجز عن تأدية لزوم الكتابة فيعود رقيقاً، فما صار في حكم الرق لأنه الأصل، وأما إذا كان لديه ما يؤدي به فحكمه حكم الحر حينئذ؛ لأن المقابل موجود، فما عليه إلا أن يدفع المبلغ فيكون حراً، وحينئذٍ تحتجب منه سيدته؛ لأن الرقيق لا تحتجب عنه سيدته {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ} [(31) سورة النور] وبعضهم يحمله على الأمة دون العبد؛ لأن العبد إذا عتق يجوز له أن يتزوج السيدة، سيدته، فتحتجب عنه، لكن الآية صريحة في الدلالة على دخول الذكر، والأنثى لا يحتاج التخصيص فيها، نعم نص على نسائهن ليخرج نساء الكفار؛ لأن لا يطلعن على عورات المسلمات، المقصود أن الأمة السيدة لا تحتجب عن عبدها ورقيقها، فإن كان لديه ما يؤدي فهو في حكم الحر، يعني السداد سهل، ومتصور، فحكمه حكم الحر، وإذا كان ليس لديه ما يؤديه فهو ما زال عبداً.
" ((إذا كان لإحداكن مكاتباً، وكان لديه ما يؤدي فلتحتجب منه)) رواه أحمد والأربعة، وصححه الترمذي".