الأحكام على العموم، والتفصيلات ينظر في كل حالة بقدرها، يعني لما قيل في الحديث: ((مروا أولادكم بالصلاة لسبع)) لأن السبع هي سن التمييز بالنسبة لغالب الناس، تسعين بالمائة أو أكثر إذا أكمل سبع سنين يكون ميز، لكن عشرة بالمائة قد لا يميز لا لسبع ولا لعشر ولا لعشرين، هل نقول: إنه لا بد أن يأتي نص يدل عليه؟ وبعضهم يميز لخمس وست، يأتي نص؟ الكلام على الغالب، وما يأتي لعموم الناس لا بد أن يأتي بقاعدة كلية تشمل الناس كلهم إلا فيما ندر؛ لأنه لو ترك التقدير للناس، وقيل: التمييز، فمثلاً لو قيل: يأمر الطفل إذا ميز، لوجدنا ابن إحدى عشر سنة عند باب المسجد ولا يدخل للصلاة، وإذا قيل لوالده قال: إلى الله المشتكى ما بعد ميز، يعني ترك التقدير لهم، أو يؤتى بمن يعبث في المسجد، ويؤذي المصلين سنتين ثلاث، يقول: والله يميز ولدي، في مثل هذه الأمور في مثل هذه الحوز تأتي الأمور عامة، ثم بعد ذلك إذا خرج عن هذا الأمر العام يقدر بقدره، أما في الأمور الخاصة فيرجع فيها إلى تقدير ولي الأمر، ولي أمر الصبي، متى يطلب العلم؟ هل يطلب العلم لخمس أو لست أو لسبع؟ إذا تأهل لذلك صار يفهم، يفهم الخطاب ويرد الجواب، فمثل هذا يوكل إلى ولي أمره؛ لأنه من الظلم أن يدخل المدرسة وهو ما يفهم، تضييع لوقته وإيذاء له، فينتظر والده حتى يكون متأهلاً لمثل هذا الأمر، ولذا يقول الشارح: "والأولى أن هذا لا يؤخذ قاعدة كلية، بل يختلف باختلاف الأشخاص، فإنه إذا كان شخص بمحل عظيم من العلم والعمل وانتفاع المسلمين به فعتقه أفضل من عتق جماعة ليس فيهم هذه السمات" فيكون الضابط اعتبار الأكثر نفعاً، أبو عوانة الوضاح بن عبد الله اليشكري من ثقات الرواة، ومن رجال الكتب الستة، محدث كبير، وكان مولى رقيق، فجاء سائل فسأل فأعطاه السيد درهم، فلما أنصرف لحقه أبو عوانة وأعطاه دينار، أكثر مما أعطاه السيد، فقال هذا السائل: لأردّن له جميله، ماذا صنع؟ يذهب إلى محافل الناس ومجامعهم يقول: اذهبوا لفلان فاشكروه فإنه أعتق أبا عوانة وهو ما أعتق، ولما يجونه الناس يأتونه جماعات جزآك الله خيراً، الله يوفقك، ويبيض وجهك، ويكثر خيرك، أعتقت هذا العبد الصالح لكي يتفرغ للحديث،