كتاب أيضاً جامع في الأدب، ولا يخلو، ما هو مثل عيون الأخبار أو زهر الآداب، ما يخلو من بعض الأخبار التي يلاحظ عليها ما يلاحظ، يبقى أنه أعف من كتاب الأغاني لأبي الفرج، الأغاني على سوئه قد يستفيد منه العالم، أما طالب العلم فهو يعوقه عن تحصيل ما هو أهم منه، ويخشى من تضرره بقراءته، في كلام لأبي حاتم الرازي في الجرح في جبارة بن المغلس قال: بين يدي عدل، قال الحافظ العراقي: إنها لفظ تعديل، وينطقها بين يدي عدل، ثم جاء الحافظ ابن حجر فرأى أن التعديل ومن أبي حاتم بعيد كل البعد أن يكون لمثل جبارة والأئمة كلهم على تضعيفه، فبحث عن هذه الكلمة، أو هذه الجملة: "بين يدي عدل" قال: فوجدت في كتاب الأغاني أن القائد طاهر في عصر الدولة العباسية، الطاهر مشهور من قواد الدولة العباسية، وكان أعور، جالس على مائدة، وفيها من أولاد الرشيد –أظن- أسمه إبراهيم صغير، وهم على المائدة أخذ هندبة إما دباء أو شيء نحوه فرمى به طاهر، فضرب بها عينه السليمة، فشكاه على أبيه، فقال: إنه ضرب عيني السليمة، والأخرى بين يدي عدل، يعني تالفة هالكة، عوراء، فابن حجر لما قرأ هذا الكلام تبين له المراد، ثم قال: إنه تابع القراءة في كتب الأدب، فوجد في أدب الكاتب لابن قتيبة أن العدل بن سعد العشيرة كان على شرطة تبع، فإذا أراد تبع أن يقتل أحداً سلمه للعدل، فقال الناس: بين يدي عدل، يعني هالك، يعني استفدنا من هذه الكتب معرفة هذه الجملة التي هي بدلاً من أن تكون تعديل كما هو ظاهرها صارت من أسوأ مراتب التجريح.
فأقول: إن الكتب تفيد وتنفع، لكن متى تقف في كتاب من خمسة وعشرين مجلداً، وبعض الطبعات ثلاثين مجلد على مثل هذه الفائدة؟! أقول: هذه مصلحة وفائدة مغمورة في بحار ما فيه من السوء، لكن لا يخلو كتاب من فائدة، وأقول: طالب العلم لا ينبغي أن يضيع وقته في قراءة مثل هذا الكتاب، يعني طالب العلم لا بد أن يستجم، ولا بد أن يرتاح من معاناة العلم المتين إلى شيء من كتب الأدب أو التواريخ، لكن لا يستغرق في هذا الأمر، ويضيع جل وقته، وسنام وقته في مثل هذه الأمور، فلا هذا ولا هذا.
الطالب: والبيان والتبيين رعاك الله؟