ابن القيم يقرر أن البينات أعم، وأن كل ما أبان عن الحق ووضحه من الحجج سواء كانت شهوداً، أو قرائن فالحكم بالقرائن القوية، يرى ابن القيم أنه من الحق، القرائن القوية التي تدل على أن الحق لفلان؛ كأن يدعي شيئاً تدل عليه القرائن أنه له.

لو جاء شخص يدعي لباساً جرت العادة بأن مثله يلبسه، وهو في يد شخص جرت العادة أنه لا يلبسه، لو وجد شماغ مثلاً بيد شخص ليس من أهله، ما جرى في العادة أنه يلبس الشماغ، وليس من ملبوسهم، من أهل الألبسة التي جرت عادتهم وعرفهم أن الشماغ ليس منها، هذه قرينة، ولو جاء شخص حاسر الرأس يدعي عمامة بيد شخص عليه عمامة، القرينة تدل على أن هذه العمامة لحاسر الرأس ممن جرت عادته بلبس العمامة، يعني ما عرف أن هذا الشخص يخرج إلى الناس بدون عمامة، هذه قرائن، يعني يستروح بها، ويمال بها إلى أن الحق لهذا المدعي، لكن الجمهور على أن مثل هذه الأمور لا تكفي.

يعني في قصة علي مع اليهودي علي -رضي الله عنه وأرضاه- مع اليهودي القرائن كلها تدل على أن الدرع له، ومع ذلك شريح أوجد من يشهد له، قويت دعواه بالشاهد، ومع ذلك لم يحكم له شريح لضعف بينته، ولم يكتف بالقرائن إضافة إلى الشاهد الذي لم يقدح فيه، لكن لو حلف أمير المؤمنين علي -رضي الله عنه- مع الشاهد مع قنبر استحقها؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- قضى باليمين مع الشاهد، وشريح يعلم أن علياً -رضي الله تعالى عنه وأرضاه- صادق في دعواه، لكنه لم يحكم بعلمه كما قال أهل العلم، وإن نقل عنه أنه ممن يرى الحكم بالعلم.

وعلى كل حال القرائن التي تظهر للقاضي لا شك أنها تفيده علماً بأن صاحب الدعوى راجح الجانب، لكن هل يكتفى بها كما يقول ابن القيم في الطرق الحكمية وبنى عليها كتابه؟ أو لا بد من البينة الكافية وهي الشهود العدول المقبولون شرعاً المزكون عند الاحتياج إلى التزكية؟ فالجمهور يقولون: لا بد منهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015