ومن العدل بين الخصوم المطلوب من القاضي الواجب عليه أن يعدل بين الخصمين في كل شيء، ولا يظهر منه لا بتصريح ولا بتلميح ولا بقرينة أن أحدهما أقرب إليه من الثاني، ومن هذا أن يقعد بين يديه على حد سواء، وهذا الحديث كما عرفنا ضعيف، لكن من العدل الواجب على القاضي أن يكون مجلس الخصمين متساوٍ، فلا يكون أحدهما في كرسي أثير مريح، والثاني دونه، ولا يكون أحدهما أقرب إلى القاضي والثاني أبعد، بل لا بد أن يكون قربهما منه على حد سواء، ولا يكون أحدهما أرفع في مجلسه من الثاني والثاني دونه، بل لا بد أن يستويا في المجلس.
من الذي يجلس في الكرسي الذي عن يمين القاضي والكرسي الذي عن يساره؟ المفترض أن هذا مجلس قاضي وأمامه كرسيان، يحرص كل واحد أن يجلس على الأيمن؛ لأنه إن قدم شيء بدء به، والكلام سوف يبدأ معه، الأولى أن يكون في الكرسي الأيمن المدعي؛ لأنه هو الذي يُبدأ به بالكلام، والمدعى عليه في الكرسي الأيسر، وأهل العلم يقررون أن الأولية لها دخل في الأولوية، فأول من يبدأ به هو الأولى بأن يجلس عن يمين القاضي، فالأولية لها دخل في الأولوية.