هنا مسألة وهي: أن الإنسان قد يكون مديراً أو رئيساً في دائرة أو وزيراً أو مسئولاً، تأتي الهدايا أحياناً تكون باسمه الشخصي، وأحياناً يكون باسم وظيفته، يعني المؤسسات العلمية تجد مثلاً مدير الجامعة، أو عميد الكلية أو رئيس القسم يهدى إليهم كتب، يهدى كتب، هدية مقدمة لرئيس قسم كذا، هدية مقدمة لعميد كلية كذا، فهل هذه الهدية له أو لمن يقوم مقامه بعده؟ أو هي للعمل وليست للشخص؟ أحياناً تكون باسمه الشخصي، هدية لفلان هذه ما فيها إشكال، تكون له، لكن أحياناً يؤلف كتاب لا سيما من منسوب هذه الجهة، وهي جهة علمية، يقولون: هدية لفضيلة عميد الكلية، ليس باسمه، وإنما بوصفه، هذا الذي يظهر أنها ليست له؛ لأن المراعى فيها الوصف، وإذا كان التنصيص على اسمه هدية لفلان فالمراعى فيه الشخص، ويأتي فيها ما يأتي في الهدايا، إذا كان يهدي إليه قبل العمل، وإذا كان يتهم، أو يظن به أنه يكسب من وراء هذه الهدية تسهيل أو مراعاة في شيء من الأمور فإنها حينئذٍ داخلة في الرشوة.
"وله شاهد من حديث عبد الله بن عمرو عند الأربعة إلا النسائي إلا أنه لم يذكر فيه لفظ الحكم الذي جاء في حديث أي هريرة".
والرشوة محرمة بالإجماع، ومن كبائر الذنوب؛ لأنها توعد عليها باللعن، ومن ضابط الكبيرة أنها إن توعد عليها بلعن أو غضب أو بنار أو بعدم دخول الجنة، أو ترتب عليها حد في الدنيا، فإن هذا ضابط الكبيرة عند شيخ الإسلام وغيره.
يتصور من يتصدى لفصل الخصومات بين الناس وليس له أجر ولا رزق من بيت المال، إن كان له أجر أو رزق من بيت المال هذا لا يجوز له أن يأخذ من الخصوم شيئاً، وإن أخذ فهو الرشوة، لكن إذا لم يكن له رزق من بيت المال، وذلك حينما تكون أمور الناس غير منتظمة، يوجد من يتصدى للفصل بين الناس، وليس له أجر مرتب من بيت المال، هل له أن يأخذ من الخصوم؟ لا يجوز أن يأخذ من أحد الخصمين؛ لأن لأخذه من أحدهما أثر على نفسه، فيخشى أن يميل ويحيف على الثاني، لكن إذا قال: قضيتكم هذه أفصل بينكما فيها بمبلغ كذا، بينكما بالسوية، في هذه الصورة لا يخشى أن يميل مع أحدهما دون الآخر.