"وعن أبي بكرة -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((لا يحكم أحدكم)) " سواء كانت لا نافية، فنقول: لا يحكمُ، أو ناهية نقول: لا يحكمْ أحد، أحد نكرة في سباق النفي أو النهي فهي عامة، تفيد العموم ((بين اثنين وهو غضبان)) لماذا؟ لأن الغضب يحجبه عن النظر الكافي في القضية التي يترتب عليه الحكم الصحيح، النظر لا بد منه في القضية على المقتضى الشرعي، فإذا كان القاضي غضبان فإنه حينئذٍ لا يتمكن من النظر الواجب، وسواء قلنا: إن لا ناهية أو نافية فظاهر الخبر التحريم، وهو الأصل في النهي ما لم يوجد صارف، وجمهور أهل العلم حملوه على الكراهة، ونظيره الصلاة وهو يدافع الأخبثين، وهو حاقن، الجمهور على الكراهة، وحمله الظاهرية على ظاهره بالتحريم، وقالوا: إن الصلاة لا تصح، وهنا قالوا: النهي للتحريم والحكم لا يصح إذا نظر وهو غضبان، الجمهور صرفوا النهي من التحريم إلى الكراهة بالعلة، قالوا: إن النهي عاد إلى أمر خارج عن ذات المنهي عنه فلم يعد النهي إلى ذات المنهي عنه ولا إلى شرطه، ولا جزئه المؤثر كالركن، عاد إلى أمر خارج، فينظر في القضية إن أصاب وإن أخطأ، إن كان حكمه على مقتضى القواعد الشرعية فهو نافذ وإلا ينقض إذا لم يكن على مقتضى النظر الشرعي.