لإصابة الحق فله أجران، أجر الاجتهاد وأجر الإصابة، وإذا حكم فأجتهد مثل الأول، ثم أخطأ فله أجر، قد يقول قائل: هذا له أجر وهذا له أجران، وقد يكون هذا الذي لم يصب قد بذل من الجهد أكثر ممن أصاب، والنتيجة ليست بيده، فكيف يحرم من هذا الأجر؟ والأمر ليس بيده، كلاهما نظر، وكلاهما أهل، وكلاهم أجتهد، لكن في النهاية هذا أصاب وهذا أخطأ، هذا له أجران وهذا له أجر، نقول: ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، هل ظلم الذي أخطأ بخس من حقه شيء، ما بخس من حقه شيء، وترتيب الأجرين على الإصابة يجعل القضاة والحكام يجتهدون لإصابة الحق أكثر مما لو تساوى الأجر مع من لم يصب الحق، إذا رتب الأجر وسوي بين من أصاب ومن لم يصب تجد بعض القضاة مثل ما يقولون: الأجر واحد، فلا يبذل جميع ما يستطيعه من جهد ووسع؛ لأنه لا فرق بين من يصيب ومن لا يصيب، لكن جاء هنا التفريق بينهما، فالمصيب له أجران، والمخطئ له أجر واحد، من أجل أن يزيد القاضي، ويزيد الحاكم فيما يتوصل به إلى الإصابة، وفي النهاية ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، هذا وفق للإصابة، وهذا مع بذله جهده لم يوفق للإصابة فلم يحرم من الأجر، ولا بخس من حقه شيء، يعني يستدل في الحديث، وهذا ظاهر في من يشترط الاجتهاد في الحاكم والقاضي وأرباب الولايات، والاجتهاد في كل باب بحسبه، على ما تقدم، بعضهم يقول وهذا تابع لمسألة كبرى، وهي مسألة الاجتهاد والتقدير، هل يكفي في القاضي أن يكون مقلداً مجتهداً في مذهبه أو لا بد أن يكون مجتهداً في النصوص في الجملة والنظر فيها والموازنة فيها بغض النظر عن مذهب معين؟ منهم من يقول: يكفي أن يكون مجتهد مذهب، وينظر في نصوص إمامه، ويوازن ويتعامل معها مثل ما يتعامل مع النصوص، وهذا مقرر بين أرباب المذاهب، يتعاملون مع نصوص أئمتهم كالتعامل مع النصوص، نصوص الكتاب والسنة، فإذا وجدوا للإمام قولين، أو روايتين قالوا: إن أمكن الجمع بين هاتين الروايتين ولو بحمل مطلق على مقيد، أو عام على خاص تعين المصير إليه، وإلا فإن عرف المتقدم من المتأخر فقوله الآخر، وإلا فالتوقف، يقول هذا بالنسبة لنصوص الأئمة، ويشددون في أمر الاجتهاد في النصوص، ويضيقون على من أراده بشروط وقيود تجعله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015