((اثنان في النار وواحد في الجنة)) يعني كما جاء في الحديث: ((يقول الله -جل وعلا- لآدم: أخرج بعث النار، فيقول: يا رب كم؟ قال: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون)) مثل هذا لا شك أنه من نصوص الترهيب؛ لأن الإنسان لا يضمن لنفسه السلامة، وإن قلنا: إن هذه القسمة لا تدل على أن النجاة أغلب أو الهلاك أغلب، إنما على الإنسان أن ينظر في هذه الأوصاف التي علق عليها النجاة وعلق عليها الهلاك؛ لأنه في الحديث أيضاً قال .. ، في الحديث ما يدل على أن أكثر أهل النار من يأجوج ومأجوج، وهذا أيضاً لا يجعل الإنسان يأمن من مكر الله، ويقول: يأجوج ومأجوج عددهم كبير جداً، والكفار أيضاً ملئوا المشارق والمغارب ونسبتنا بالنسبة إليهم يسيرة، فيأمن من مكر الله، على المسلم أن يكون خائفاً راجياً، وعلى كل حال النص الذي بين أيدينا ينظر فيه إلى الأوصاف، وكل قاض بحسبه، ما يقال: الآن عدد القضاة يعني عندنا على سبيل المثال ألف، منهم ستمائة وكسور هاذولا في النار هذا الكلام ليس صحيح، وإن جاء في الحديث الحصر: ((اثنان في النار وواحد في الجنة)) فالحصر حصر أوصاف لا حصر أشخاص ((اثنان في النار وواحد في الجنة)) على كل حال هذا فيه شيء من التخويف والترهيب لمن وَلي القضاء، أو وُلي القضاء ((اثنان في النار وواحد في الجنة)) كأنه قيل: من هم؟ فصّل، من هم يا رسول الله؟ عرفنا العدد الإجمالي، وعرفنا شيئاً من التفصيل، لكن لا يكفي هذا التفصيل، رجل عرف الحق فقضى به فهو في الجنة، لا بد أن يعرف الحق، وتتوافر فيه شروط الصلاحية للقضاء، وأن يقضي به، لا بد أن يتوافر فيه أمران، العلم الذي يؤهله ويمكنه من النظر في القضايا على المقتضى الشرعي، ولا بد أن يقضي على ما يؤديه إليه علمه واجتهاده المعتمد على النصوص، فإذا تخلف أحد الشرطين، أحد شرطي النجاة فهو في النار، لا بد أن يكون عالماً، وأن يحكم بالحق، إن لم يكن عالماً فهو في النار ولو أصاب الحق، فإن كان جاهلاً لا تتوافر فيه الشروط، شروط الصلاحية للقضاء، الأمر الثاني: إن لم يحكم بالحق فهو في النار، ولو كان عالماً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015