"وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: استفتى سعد بن عبادة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في نذر كان على أمه توفيت قبل أن تقضيه، فقال: ((اقضه عنها)) " سعد بن عبادة أمه ماتت وقد نذرت أن تتصدق، بعض الروايات: أن تعتق، فأمره أن يقضي هذا النذر، ومثله لو كان المنذور صوماً ((من مات وعليه صوم صام عنه وليه)) ومثله الصدقة كما هنا، سواءً كانت بالمال أو بالعتق.
((اقضه عنها)) هذا أمر، والأصل في الأمر الوجوب، فهل يجب على ولي الميت أن يصوم عن ميته الذي عليه نذر صيام؟ أولاً: المرجح أن هذا في صوم النذر، لا فيما أوجب الله عليه، هو الذي رجحه شيخ الإسلام وابن القيم كما جاء في بعض رواياته: ((من مات وعليه صوم صام عنه وليه)) ولا يصام عن الميت الصيام الذي وجب في أصل الشرع، وإنما يصام عنه إذا ألزم نفسه به بنذر على ما تقدم، في كتاب الصيام.
((اقضه عنها)) هذا أمر والأصل في الأمر الوجوب، وبعض أهل العلم يحمله على الاستحباب؛ لأن هذا السائل محسن فكيف يلزم بغير لازم؟ ومنهم من يفرق بينما إذا كان للميت الذي نذر أن يتصدق أو يصوم إن كانت له تركة يمكن أن يتصدق منها، فإنه يلزم الوفاء، وإلا يبقى على الاستحباب، إن صام عنه وليه أجر، وسقط عنه عن ميته ما التزمه على نفسه، وإلا لا تزر وازرة وزر أخرى.
قال: "وعن ثابت بن الضحاك -رضي الله عنه- قال: نذر رجل على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن ينحر إبلاً ببوانة، فأتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسأله" هل ينحر في هذا المكان المعين أم لا؟ فسأله النبي -عليه الصلاة والسلام-، في هذا ما يدل على أن المفتي عليه أن يستفصل من السائل، عليه أن يستفصل، ويتثبت من السائل قبل الجواب "فسأله: فقال: ((هل كان فيها وثن يعبد؟ )) " هل كان في السابق ما يلزم أن يكون الآن ((هل كان فيها وثن يعبد؟ )) والوثن أعم من الصنم، يعني سواءً كان مصوراً أو غير مصور، الشجر أوثان، القبور أوثان ((اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد)).