"نهى عن النذر" فقال جمع من أهل العلم: إن هذا باب من العلم غريب، إذا أن الوسائل في الأصل لها أحكام الغايات، فإذا كانت الغاية مطلوبة صارت الوسيلة مطلوبة، والمقرر عند أهل العلم أن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وإذا كان النذر الوفاء به واجباً كانت وسيلته واجبة؛ لأنه لا يتم إلا به، لكن هذا الباب على خلاف غيره من الأبواب، الوسيلة ممنوعة.
"نهى عن النذر" على خلاف بين أهل العلم في مقتضى النهي هل هو التحريم أو الكراهة؟ الأصل في النهي التحريم، لكن صرف عند جمهور أهل العلم عن التحريم إلى الكراهة بلزوم الوفاء به، إذ لو كان النهي فيه للتحريم لصار لاغياً، لصار مقتضاه لاغياً، وفي الحقيقة مقتضاه ليس بلاغي، بل يجب الوفاء به في بعض الصور، وبعض الصور لا يجوز الوفاء به، وبينهما صور مترددة بين الوفاء وبين الكفارة على ما سيأتي.
من أهل العلم كالنووي رأى اطراد هذا الباب مع غيره من الأبواب، فقال: إن النذر مستحب، لماذا؟ لأن غايته واجبة، فأقل الأحوال أن يكون مستحب، وهذا الكلام ليس له حظ من النظر، مع ثبوت النهي عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، والنهي كما يقرر أهل العلم أقل أحواله الكراهة.
"نهى عن النذر، وقال: ((إنه لا يأتي بخير)) " لا يأتي بخير، لا يغير من القضاء شيئاً، إذا نذر إن شفى الله مريضه أن يفعل كذا لن يغير من قدر الله شيئاً، لن يشفى مريضه بسبب النذر، إن رد الله غائبه أن يفعل كذا لن يغير مما قضى الله شيئاً، ولن يرد الله غائبه بسبب نذره.