يقول -رحمه الله تعالى-: "عن ابن عمر -رضي الله عنهما- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه أدرك عمر بن الخطاب" عن ابن عمر عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- "أنه أدرك عمر بن الخطاب" يعني ابن عمر ينقل عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه أدرك، فهو ينقل عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولا يلزم من ذلك حضوره القصة؛ لأنه لو قال: عن ابن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أدرك عمر بن الخطاب، قلنا: إنه حضر القصة، لو قال: عن ابن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أدرك عمر، قلنا: إن ابن عمر أدرك القصة وحضرها، لكن هو هنا ينقل عن النبي -صلى الله عليه وسلم- "عن ابن عمر عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه أدرك عمر بن الخطاب" فكأن النبي -صلى الله عليه وسلم- حدثه بذلك؛ لأن اختلاف الصيغة بين (عن) و (أن) يختلف فيها كيفية التحمل، وذكرنا مراراً ما قاله ابن الصلاح نقلاً عن الإمام أحمد ويعقوب بن شيبة عن محمد بن الحنفية أن النبي -صلى الله عليه وسلم- مر بعمار، والرواية الأخرى: عن محمد بن الحنفية عن عمار أن النبي -عليه الصلاة والسلام- مر به، قالوا: (عن) متصل، و (أن) منقطع، ونسبوا ذلك لاختلاف الصيغة، وأن (عن) محمول على الاتصال، و (أن) محمولة على الانقطاع.
سبب الاتصال والانقطاع هو السياق، وليس مرده الاختلاف في (عن) و (أن) ولذلك لما قرر ذلك ابن الصلاح قال الحافظ العراقي:
. . . . . . . . . ... كذا له ولم يصوب صوبه
يعني ما أدرك السبب في الحكم بالانقطاع والاتصال، لما قال: عن محمد بن الحنفية أن النبي -عليه الصلاة والسلام- مر بعمار، محمد بن الحنفية أدرك القصة وإلا ما أدرك؟ ما أدرك، تابعي محمد بن الحنفية، وحينما قال: عن محمد بن الحنفية عن عمار أن النبي -عليه الصلاة والسلام- مر به القصة متصلة؛ لأن محمد بن الحنفية وهو تابعي ينقل القصة عن صاحبها.
وهنا: "عن ابن عمر عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه أدرك عمر بن الخطاب" ابن عمر ينقل عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه حصل كذا لعمر، فقال النبي -عليه الصلاة والسلام- كذا، بسبب حلف عمر -رضي الله عنه-.