الحديث الذي يليه: وللسبعة من حديث "أبي أيوب الأنصاري -رضي الله عنه-: ((لا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها ببول أو غائط، ولكن شرقوا أو غربوا)) " ولكن شرقوا أو غربوا هذا الخطاب لمن؟ لأهل المدينة، ومن كان في سمتها، والجهة المقابلة لها، يعني يقال لأهل المدينة: إذا أردتم البول أو الغائط فشرقوا أو غربوا، يقال لأهل الشام: إذا أردتم الغائط شرقوا أو غربوا، يقال لأهل الجنوب -جيزان وعسير واليمن- شرقوا أو غربوا، لكن أهل المشرق والمغرب يقال: شرقوا أو غربوا؟ لا؛ لأنهم إن شرقوا استقبلوا القبلة، وإن غربوا استدبروا القبلة، فالخطاب خاص بأهل المدينة ومن كان على سمتها، وبهذا نعلم ضعف ما جاء من النهي عن استقبال النيرين الشمس والقمر، حال البول والغائط، لما فيهما من نور الله -عز وجل-، هذا التعليل، نقول: لا قوله: ((شرقوا أو غربوا)) يرد هذا القول؛ لأنه يشرق بوقت طلوع الشمس في الصباح وتستقبل القبلة، وإن غرب وقت غروبها استقبلها، ومثل هذا. . . . . . . . .، على كل حال هذا القول ضعيف، ولا معول عليه؛ لأنهما مخلوقان من مخلوقات الله -عز وجل-، لم ترد علة صحيحة، ولا أثر يعتمد عليه في ترك مثل هذا.
"وعن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((من أتى الغائط فليستتر)) رواه أبو داود" وهو ضعيف، مداره على أبي سعد أو سعيد الحبراني، ومختلف عنه، والراوي عنه مجهول، فالخبر ضعيف ((من أتى الغائط فليستتر))، وهناك الخبر الذي قبله: ((فليتوارى)) وأقوى منهما: ((احفظ عورتك)).
((من أتى الغائط فليستتر)) الأصل في الغائط أنه المكان المطمئن المنخفض الذي يقصده من أراد قضاء الحاجة، فنقل هذا اللفظ إلى نفس الخارج الذي يوضع في هذا المكان المنخفض، فصار حقيقة عرفية فيه، الحديث كما ذكرنا ضعيف مداره على أبي سعد الحبراني، والراوي عنه مجهول، وإن حسن إسناده الحافظ في فتح الباري، وصححه ابن حبان والحاكم على كل حال الحديث ضعيف، وإن كان معناه صحيح، ولا تلازم بين صحة المعنى وصحة الخبر، وهل هناك تلازم بين ضعف المعنى وضعف الخبر؟ فيه تلازم؟ نعم؟ في تلازم.