القاعدة عند أهل العلم أنه إذا كان هناك سبب وجوب ووقت وجوب يعني للعبادة سبب وجوب ووقت وجوب، عندنا سبب وعندنا وقت، سبب وجوب الهدي هدي المتعة والقران الإحرام بهما، ما دام دخل في النسك وجد سبب الوجوب، ووقت الوجوب يوم النحر، مقتضى هذه القاعدة عند أهل العلم أنه لا يجوز فعل الشيء قبل سببه بالاتفاق، يعني ما تقول: والله الآن أنا جيت قبل أن أحرم أبا أذبح الهدي، ولا تقول: قبل أن أحلف أكفر خشية أن تجب علي الكفارة وأنا ما عندي شيء، وأنا الآن متيسرة أموري، يقول: أبذل كفارة يمين لئلا يجب علي كفارة يمين فيما بعد، وأنا ليس عندي ما أكفر به، يعني قبل انعقاد سبب الوجوب لا يجوز، ولا يجزئ، لكن إذا انعقد السبب وقبل وقت الوجوب يجوز أن تكفر عن يمينك قبل الحنث؟ يجوز وإلا ما يجوز؟ يجوز، يجوز أن تكفر عن يمينك قبل أن تحنث، ويجوز اتفاقاً أن تكفر بعد أن تحنث، وإذا جئنا لهدي التمتع والقران قلنا: سبب الوجوب الدخول في النسك، وهذا قبل يوم العيد، ووقت الوجوب يوم النحر؛ لأن الإضافة يوم النحر من إضافة الشيء إلى سببه الذي هو النحر.
طيب على مقتضى القاعدة يجوز أن نذبح قبل يوم النحر وإلا ما يجوز؟ أحرم قارن في الأول من ذي الحجة وجلس عشرة أيام قبل يوم النحر على مقتضى القاعدة يجوز أن يذبح وإلا ما يجوز؟ يجوز، وقال به جمع من أهل العلم، لكن القول الثاني وهو قول أكثر أهل العلم أنه لا يجوز نحر الهدي قبل يوم النحر، وما سمي يوم النحر إلا لأنه تنحر فيه الأضاحي والهدايا.
هناك كتاب صدر عن بعض أهل العلم قبل ثلاثين أو أربعين سنة "القول اليسر في جواز نحر الهدي قبل يوم النحر" مؤلف معروف ومتداول، لكنه رد عليه بكتاب آخر من شيخ أكبر منه وأعلم: "إيضاح ما توهمه صاحب اليسر في يسره من تجويزه نحر الهدي قبل وقت نحره" أو بقية العنوان سهل، المقصود أن هذه مسألة مختلف فيها، والراجح من أقوال أهل العلم أنه لا ينحر الهدي قبل يوم النحر، وأن وقته مثل الأضحية بعد الصلاة؛ ليكون مجزئاً بالاتفاق.