"أمر بكبش أقرن يطأ في سواد" يطأ في سواد يعني شعر رجليه أسود "ويبرك في سواد" شعر بطنه أسود، "وينظر في سواد" الشعر الذي حول عينيه أسود، فأتي به "ليضحي به" هذا لون آخر غير الأول، وإن كان الغالب البياض، ما ينفي أن يكون الغالب البياض، ولو وطئ في سواد، وبرك في سواد، ونظر في سواد، لا ينفي ولا يمنع أن يكون الغالب هو البياض، فأتي به "ليضحي به" -عليه الصلاة والسلام- "فقال لها: ((يا عائشة هلمي المدية)) " هلمي يعني هاتي، أو ائتيني بالمدية، وهلم في لغة قريش تلزم حالاً واحدة، هلم للمذكر والمؤنث والمفرد والمثنى والجمع، وعند بني تميم المطابقة، هلما يا زيد، هلمي يا عائشة، هلما يا زيدان، هلموا يا رجال، وهكذا، وهنا قال: ((هلمي يا عائشة المدية)) يا عائشة هلمي، على لغة؟ على لغة تميم؛ لأنها عند قريش تلزم صيغة واحدة ((هلمي المدية)) يعني هاتي وائتيني بالمدية التي هي السكين، ثم قال: ((اشحذيها بحجر)) يعني سنيها بحجر، فينبغي أن تشحذ، وتحد كما جاء الأمر بذلك: ((وليحد أحدكم شفرته)) من أجل إراحة الذبيحة، والإحسان إلى المذبوح، بخلاف ما لو كانت المدية الشفرة السكين لو كانت كليلة، لو كانت كليلة تعذب المذبوح هذا ليس من الإحسان، والله -جل وعلا- كتب الإحسان في كل شيء، فقال: ((اشحذيها بحجر)) ففعلت "ثم أخذها" -عليه الصلاة والسلام- "وأخذه" أخذ الكبش "فأضجعه" على ما تقدم على جنبه الأيسر، ووضع رجله على صفحة عنقه، وأمسك الرأس بيده اليسرى، والمدية باليد اليمن، فأمرها على حلقه وقطع ما يجب قطعه، قائلاً: بسم الله والله أكبر.
"ثم أخذها وأخذه" يعني الكبش "فأضجعه ثم قال: ((بسم الله، اللهم تقبل من محمد وآل محمد، ومن أمة محمد)) " ثم ضحى به، جاء تخصيص: ((من لم يضح من أمة محمد)) هنا يشمل من ضحى ومن لم يضح، واللفظ الثاني خاص بمن لم يضح، وهذا يستدل به على عدم وجوب الأضحية كما هو قول الجمهور ((من لم يضح من أمة محمد)) تحمل أضحيته النبي -عليه الصلاة والسلام- وضحى عنه.