وهنا الضعف قابل للتقوية، فالحديث هنا حسن لغيره؛ لأنه له شواهد وله طرق يقوي بعضها بعضاً، أما قول الحافظ يفيد أنه يشك في وصوله إلى مرتبة الحسن لغيره؛ لأنه قال: قد يقوي بعضها بعضاً، والعادة أنه يحكم بمثل هذا، ويجزم به، لكن إذا كان الضعف غير شديد، أما إذا كان الضعف شديداً فإن الأكثر من أهل العلم أن وجود الطرق لمثله في الضعف في شدة الضعف فإنه لا يستفيد منها، وتبقى ضعيفة.
على كل حال الحديث هذا المتجه كونه حسناً لغيره ((إن الله تصدق عليكم بثلث أموالكم)) إن الله تصدق عليكم، الأصل في المال أنه لله {وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [(33) سورة النور] وإنما المتصدق إنما هو سبب ووسيلة لوصول مال الله إلى هذا السائل أو هذا المعطى.
فأنت مجرد سبب ووسيط في هذا المال، والرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((إنما أنا قاسمٌ والله المعطي)) فهذا الغني الذي بيده الأموال هي مال الله، وليست من ماله، وتصدق الله على هذا الذي بيده المال بثلث ماله عند وفاته يوصي به، يوصي به زيادة في حسناته، مما ينفق من هذا المال من وجوه البر، أما الوصية والوقف الذي لا يتحقق منه الهدف الشرعي فإنه لا يكون فيه زيادة في الحسنات، بل قد يكون وبالاً على صاحبه، فبعض الناس يوقف، وتكون غلة الوقف على جهةٍ لا يتحقق فيها الهدف الشرعي، إما جهة مباحة، أو تزاول بعض المنكرات، كثيرٌ من الأثرياء يوقفون الأموال الطائلة، ومع ذلك لا يجنون من ورائها حسنات كما في هذا الحديث، بل يجنون من ورائها الآثام، نسأل الله السلامة والعافية.