ذلك كثير، وهل الأفضل من هذا السياق أن يوصي الإنسان بثلث ماله أو بأقل؟ ليس له أن يوصي بأكثر من الثلث إلا إذا أجازه الورثة على ما سيأتي، لكن صدقته بالثلث أفضل أم بالربع أو الخمس؟ أبو بكر -رضي الله تعالى عنه- تصدق أو أوصى بالخمس، فقوله: ((كثير)) سياق الخبر يدل على أن الثلث فاضل وإلا مفضول؟ يعني كثير بالنسبة لهذه الصدقة، فيكون أعلى ما يتصدق به وما دونه أفضل منه بدليل العلة ((إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس)) بعضهم فهم أنه كثير، وأن ما دونه أفضل منه، وفي ذلك حيازة حظ الورثة، ومنهم من فهم أن الثلث كثير يعني أجره كثير أكثر مما دونه، وفيه حيازة الحظ للموصى له، وأبو بكر -رضي الله تعالى عنه- أوصى بالخمس فدل على أنه فهم أن الثلث كثير فما دونه أفضل منه، والسياق في مثل هذه الصورة في حال المقاولة والمحاولة، يعني شخص مندفع يبي يتصدق بجميع ماله يقال له: خفف يكفيك العشر، لكن مالي كثير، يقاول على الخمس، على الربع، على الثلث، فيكون الأقل أفضل أو أكثر؟ يعني مثل ما جاء في حديث عبد الله بن عمرو، وأن النبي -عليه الصلاة والسلام- بلغه أنه يريد أن يقوم الليل، ويصوم النهار، ويقرأ القرآن في كل يوم، فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((اقرأ القرآن في شهر)) هل نقول: إن أول ما بدأ به النبي -عليه الصلاة والسلام- أفضل من غيره؟ قال: إنه يطيق أكثر من ذلك، فقال: ((اقرأ القرآن في الشهر مرتين)) في الشهر ثلاث إلى أن قال له: ((اقرأ القرآن في سبع ولا تزد)) يعني في سبيل المقاولة، يعني الناس يتفاوتون، يعني بعض الناس يلقى عليه الأقل، وبعضهم يلقى عليه الأكثر، إذا جاء شخص مندفع مثل عبد الله بن عمرو في مثل هذه الصورة يبدأ بالأقل، ثم يترقى معه، ومن الناس من أهل التراخي والتفريط والتساهل يبدأ بالأعلى، ثم يتدلى منه إلى ما دونه حيث يطيق، فمثل هذا السياق: ((الثلث والثلث كثير)) الرجل يريد أن يتصدق بثلثي ماله، ثم قال: الشطر، قال: ((لا)) قال: ((الثلث والثلث كثير)) مفهوم السياق أن ما دونه أفضل منه، ولا شك أن الناس في هذا الباب يتفاوتون، منهم من تجود نفسه بجميع ماله ولا يتأثر ولا يتضرر ولا يتأفف،