لو أن امرأة أهدت لجارتها هذا الفرسن ثم قبلته هذه الجارة، وأفادت منه إن كانت بحاجته أو دفعته إلى غيرها، وانتفع به من يدفع إليه، وهذا لا شك أنه يسير، لكن مع ذلك هو بدون مقابل، وفي هذا الحديث الحث على الهدية، ولو كانت يسيرة، بعض الناس يأنف ويستنكف أن يهدي الشيء اليسير، وجاء ذمّ من يقصد الشيء الرديء ويبقي الطيب له {وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ} [(267) سورة البقرة] لكن في الحديث الحث على الهدية، وليس معنى هذا أن الإنسان يذبح البعير الذي هو زنته خمسمائة كيلو، ويدخره بكامله، ويهدي إلى جاره، هذا يهدي له خف، وهذا يهدي له خف، وهذا رئة وهذا مدري إيش!؟ لا، ليس معنى هذا إنما هو في حال القلة، يعني في حال كون المهدي قليل ذات اليد، فيهدي ما يناسبه، لا يتكلف أمر لا يطيقه، ويقبل من مثل الفقير يقبل منه الشيء اليسير، لكن لو أن شخصاً عرف بالغنى والثراء، وصار يوزع على الفقراء والمساكين مثل هذا، لا شك أن هذا داخل في قوله: {وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ} [(267) سورة البقرة] يعني تأخذونه على شيءٍ من الإغماض والمجاملة، لكن إذا كان المهدي قليل ذات اليد فقير يقبل منه مثل هذا، وهذا فيه مبالغة وإلا فكثير من الناس لا يستعمل هذا الفرسن، في حديث التخلف عن صلاة الجماعة قال: ((والذي نفسي بيده لو أن أحدهم -يعني المتخلفين عن صلاة العشاء- لو أن أحدهم يجد عرقاً سميناً، أو مرماتين حسنتين لشهد العشاء)) يعني لو أنه إذا جاء لصلاة العشاء وجد شيئاً يأكله ما تأخر، لو وجد عرقاً سميناً، عظم عليه لحم، أو مرماتين حسنتين يقول العلماء -وهذا موجود في أكثر الشروح-: هو ما بين ظلفي الشاة، يعني وصفه بكونه حسن، وهو ما بين الظلفين مناسب وإلا غير مناسب؟ على كلامهم؟ هو لا شك أن هذا غير مناسب، لا سيما أن كثير من الناس ما يأكل الكوارع، وإن كان عاد إذا طبخ بطريقة معينة يوجد من يأكلها، فالظاهر أن هذا تصحيف، وأن المراد بالمرماتين الحسنتين ما بين ضلعي الشاة، هذا لا شك أنه حسن، يعني ما بين الأضلاع من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015