"وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((تهادوا تحابوا)) " هذه مفاعلة في الفعلين مقتضاها أن تكون بين طرفين، فمقتضى اللفظ في الأصل أن تكون الهدية من الطرفين، كل واحد منهما يهدي للآخر لتحصل النتيجة، يحصل، يترتب على ذلك جواب الطلب، الطلب: تهادوا، فإذا حصلت الهدية من واحد إلى آخر حصلت المحبة من المهدى إليه للمهدي، وإذا حصل العكس ترتب عليه ذلك أيضاً، فمقتضى الصيغة أن كل واحدٍ منهما يهدي للآخر، يهدي زيد لعمرو وعمرو لزيد، فيحصل النتيجة أن عمراً يحب زيداً، وزيد يحب عمراً، هذا الأصل في الصيغة، لكن لو لم يحصل من الطرفين، حصل من طرف واحد، يتم الامتثال وإلا ما يتم؟ قلنا: إن الأصل مهاداة، محابة في الله، يعني مفاعلة تكون بين طرفين، فإذا لم توجد إلا من طرفٍ واحد زيد أهدى لعمرو وعمرو لم يهدِ لزيد! يعني زيد بذل السبب في إيجاد الجواب، جواب الطلب الذي هو المحبة، وقصر عمر في المهاداة فلم يحصل منه ذلك وكل إنسانٍ مطالب بمثل هذا، الأمر يتجه إلى كل مسلم، وكل على حسب قدرته واستطاعته، فإذا فعله شخص امتثل الأمر، وأجر عليه وإذا تركه آخر فإنه لا علاقة له به يثبت الأجر لمن فعل، والأمر عند أهل العلم للاستحباب، الأمر للاستحباب.