من ذلك أن يثيبه عليها أعظم منها، وهذا معروف على مر التاريخ يهدى إلى الخلفاء والمهدي يتوقع أنهم يعطونه أكثر مما أعطاهم، والشعراء يهدون القصائد وأصحاب الأموال يهدون من أموالهم، كل هذا يرجون ثوابه، وعلى هذا الأجر على قدر النية.
"عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: وهب رجل لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- ناقة فأثابه عليها فقال: ((رضيت؟ )) قال: لا" لأنه توقع أنها أعظم، يعني إذا أهدى إلى الخليفة قصيدة، ثم رد عليه بقصيدة ما استفاد، لكن إذا أهدى له القصيدة وأعطاه مبلغاً مجزياً من المال كالمعتاد هذا ما توقعه، وهو المرجو من مثل هذه الهدية "فأثابه عليها فقال: ((رضيت؟ )) قال: لا، فزاده فقال: ((رضيت؟ )) قال: لا، فزاده فقال: ((رضيت؟ )) قال: نعم. رواه أحمد وصححه ابن حبان" وفي الترمذي بيّن في روايته أن العوض كان ست بكرات في مقابل ناقة، فأعطاه النبي -عليه الصلاة والسلام- أكثر مما أهداه، وهذا من كرمه -عليه الصلاة والسلام-، كان يعطي عطاء من لا يخشى الفقر، فمثل هذا له أصل شرعي، لكن الأجر على قدر النية، ما يقر في قلب المهدي.
في هذا الحديث في بعض الروايات: قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((قد هممت أن لا أقبل هدية إلا من قرشيٍ أو ثقفي)) لأن هؤلاء الأعراب لا يرضون بالشيء اليسير إذا أعطوا، ولذلك النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول له: ((رضيت؟ )) يقول: لا، لا شك أن في هذا شيء من الجفاء، وهذا من شأن الأعراب لا من شأن أهل البلدان والمدن، ولذلك يذكر عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: ((لقد هممت –بعد هذه القصة- أن لا أقبل إلا من قرشيٍ أو ثقفي)) يعني ممن يقدره حق قدره -عليه الصلاة والسلام-، أما بعض الناس الذين يأتون من أجل الدنيا، وإن كانوا في الأصل مسلمين، لكن المسلمين يتفاوتون، منهم من جبل على الطمع، ومنهم من جبل على الكرم والسخاء سخاء النفس، المقصود أن مثل هذا هديته لا يثاب عليها.
وعن جابر -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((العمرى لمن وهبت له)) متفق عليه.