الهبة والعطية والنحلة بمعنى واحد إلا أن الهبة تطلق على ما كان في حال الصحة وكذلك الهدية، وأما العطية فهي مختصة في العرف عند أهل العلم أنها ما كانت في حال المرض، والهبة عبارة عن تمليك عين دون مقابل، يقول -رحمه الله تعالى-: "عن النعمان بن بشير -رضي الله تعالى عنهما- قال: إن أباه أتى به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: إني نحلت ابني هذا غلاماً" يعني وهبه له، بشير بن سعد وهب ابنه النعمان ونحله غلام كان له "فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أكل ولدك نحلتهم مثل هذا؟ )) " يعني جميع الأولاد أعطيتهم مثل هذا الغلام؟ "فقال: لا، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((فأرجعه)) " وعلى هذا إذا استوت المطالب -مطالب الأولاد- لا بد من التعديل بينهم، فعنده خمسة من الأولاد كلهم يحتاج إلى سيارة، فأعطى واحد سيارة، أعطاه إياه، وهبها له، وترك الباقي وقال له: لا تنس إخوانك إن كان لهم مشاوير وإلا شيء توصلهم، ما يكفي، لا بد أن يهب لكل واحد سيارة، وإلا تكون السيارة باسمه هو، ثم يخوّل واحداً منهم لقيادتها لكونه أجدر بهذه القيادة من غيره، ومع ذلك لا يختص بها في مشاويره الخاصة، ومن احتاجها من إخوانه ينتفع بها؛ لأنها ليست له، وإنما هي لأبيه، وتعلقهم بها كتعلقه هو، أما إذا اختلفت المطالب، هذا يحتاج سيارة، والبنت تحتاج إلى ذهب، والصغير يحتاج إلى مصروف مدرسة ودروس وطعام يناسبه، ورابع أو خامس يحتاج إلى زواج، اختلفت هذه المطالب، هل نقول: إذا زوجت زيد الذي يبلغ من العمر خمسة وعشرين سنة لا بد أن تدفع لعمر الذي يبلغ من العمر خمس سنين مقدار المهر؟ يلزم وإلا ما يلزم؟ ما يلزم؛ لأن هذه حاجات أصلية تقدر بقدرها، وكل يعطى ما يحتاج، فإذا أعطى الولد سيارة ينتفع بها وينفع بها والده وأهله، وتعطى البنت من الذهب ما تحتاجه من الحلي، وما يناسب المرأة، ويعطى الصغير ما يناسبه هذا لا يلزمه فيه التعديل، الحوائج الأصلية لا يلزم فيها التعديل، لكن إذا وصل إلى ما وصل إليه أخوه الذي به أعطي ما أعطي لزم الأب التعديل، تزوج الولد الأول لما بلغ العشرين، يلزمه إذا كانت ظروفه تمسح له أن يزوج الثاني إلى وصل إلى العشرين ولا يجوز

طور بواسطة نورين ميديا © 2015