"عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: أصاب عمر -رضي الله تعالى عنه- أرضاً بخيبر" نعم، كان عنده مائة رأس فاشترى بها مائة سهم من خيبر، هذه خيبر لما فتحت هل وزعت على الغانمين؟ أو بقيت وعامل النبي -صلى الله عليه وسلم- أهل خيبر عليها بالشطر؟ وكان عبد الله بن رواحة يخلص عليهم، وأعطوه من الرشوة ما أعطوه؛ ليخفف عنهم، في قصص وأحاديث معروفة مشهورة، النبي -عليه الصلاة والسلام- ما قسم خيبر بين الغانمين، وإنما عامل عليها أهلها بشطر ما يخرج منها، فعمر حينما أصاب هذه الأرض بخيبر يعني اشتراها بمائة رأس، اشترى مائة سهم بمائة رأس "فأتى النبي -صلى الله عليه وسلم- يستأمره فيها" يطلب أمره فيها، ويستشيره فيها "فقال: يا رسول الله إني أصبت أرضاً بخيبر لم أصب مالاً قط هو أنفس عندي منه" الأرض مؤنثة "أصبت أرضاً بخيبر، لم أصب مالاً قط هو أنفس عندي منه" يعني منها من الأرض، أنفس من هذه الأرض، والأصل أن يعود الضمير عليها بالتأنيث، لكن لما نزلت منزلة المال عاد الضمير عليها بالتذكير "فقال: رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" من باب المشورة ((إن شئت -ترك الأمر إليه- حبست أصلها وتصدقت بها)) حبست أصلها يعني أوقفتها، وتصدقت بها يعني بغلتها، والمعنى العام للصدقة يشمل الوقف "قال: فتصدق بها عمر، وأنه لا يباع أصلها" يعني مقتضى اللفظ أنه تصدق بها أنه أخرجها من يده، ووزعها على الفقراء والمساكين وابن السبيل وفي سبيل الله على ما سيأتي، لكنها صدقة مقيّدة بكونها لا يباع أصلها، وهذه حقيقة الوقف "ولا يورث" يعني خرجت عن ملكة بالتوقيف، فلا يستطيع بيعها ولا تورث منه إذا مات، ولا يستطيع أن يهبها إلى أحد، لا هو ولا أحد من ورثته "لا يباع أصلها، ولا يورث، ولا يوهب فتصدق بها في الفقراء" تكون غلتها مصروفة في هذا المصرف، لا أنها توزع الأرض على الفقراء، وإلا كان المراد بذلك فتصدق بها على أو للفقراء التي تقتضي التمليك، إنما تصدق بها بمعنى أنه أوقفها، وجعل غلتها مصروفةً في الفقراء وفي القربى، الفقراء ويشمل المساكين، وإن كان الفقر أشد عند الجمهور، والمسكنة أشد عند الحنفية، وهذا معروف في باب الزكاة.