حديث ابن عمر في وقف عمر وهو أصل في هذا الباب، ونقل الإجماع على مشروعية الوقف، ولم يخالف في ذلك إلا ما يذكر عن شريح القاضي أنه منع الحبس الذي هو الوقف، منعه؛ لأنه يحرم صاحبه من التصرف فيه، وأجاز أبو حنيفة -رحمه الله- البيع –بيع الوقف- ومنعه مطلقاً مالك والشافعي، انتهى، لزم، خرج من يده لا يتصرف فيه البتة، والمذهب عند الحنابلة أنه لا يجوز بيعه إلا إذا تعطلت منافعه، مزرعة اندثرت ولا تصلح لئن تكون سكن، أو كانت مصارفها من غلتها بالتعيين بأن قال: هذه المزرعة وقف مائة صاع منها من غلتها للإمام، وخمسون صاعاً للمؤذن، ومائة صاع للمدرس في المسجد، وزعها من غلتها؛ لأنهم الآن إذا تعطلت منافعها باعتبارها مزرعة أحياناً غلتها لا تفي بإصلاحها، يعني يصرف عليها من الأموال أكثر من غلتها، فيتفق الناظر مع الورثة فبدلاً من أن تكون مزرعة تكون مخطط سكني، أو محلات تجارية، أو ورش صناعية، أو ما أشبه ذلك، وتؤجر بمبالغ طائلة، فالحنابلة يقولون: إذا تعطلت المنافع تنقل، تباع وينقل، والمالكية والشافعية يقولون: لا لزمت، في حكم التعطّل ضعف الدخل الشديد، يعني بهذه الصورة مزرعة غلتها بعشرة آلاف وخمسة آلاف ريال، وإذا أجرت مستودع أو محل تجاري أو شيء من هذا بمائة ألف، هل نقول: خلاص هي كما تركها صاحبها؟ أو نقول: إنها تعطلت المنافع، وهجرت هجر الحي فلا مانع من بيعها، والانتقال إلى حيٍ يستفاد منها، معروف إن الأحياء تتفاوت في الدخل، فبدلاً من أن تكون غلتها خمسة آلاف وعشرة آلاف تنقل إلى حيٍ تكون غلتها مائة ألف، هي ما تعطلت منافعها، لكنها في حكم المتعطل؛ لأن الغلة بالنسبة لما هو أعظم منها كلا شيء، الضعف شديد، فالذي يقول بالتصرف فيها في مثل هذه الحالة هو مخرج على قول الحنابلة في التعطل؛ لأن هذا شبه تعطل، وأما بالنسبة للمالكية والشافعية لا يرون أنها تنقل لزمت ولو تعطلت منافعها، والحنفية يجيزون بيع الوقف.