الوقف: هو الحبس؛ لأن العين الموقوفة تكون محبوسة عن التصرف يحبس عنها صاحبها، ويمنع من التصرف بها، وهو في الاصطلاح: تحبيس الأصل، وتسبيل المنفعة، بمعنى أن الأصل لا يتصرف فيه بعد إجراء هذا العقد وهو إيقافه، فعدم التصرف فيه من لوازمه، وسيأتي في حديث عمر -رضي الله تعالى عنه- أن هذا مقتضى الوقف أنه لا يباع ولا يوهب، ولا يتصرف في أصله إلا بما يصلحه، وأما المنفعة والغلة فمصرفها محدد أيضاً في حديث وقف عمر الذي سيأتي الحديث فيه بعد الحديث الأول، والوقف إسلامي يعني مما جاء في الإسلام مما لا يعرف قبل الإسلام، وأول وقف عرف بالإسلام هو وقف عمر، وهو أصل أصيل في هذا الباب، والوقف له هدف شرعي ومصرف لا بد أن يتحقق فيه، وإلا انتفى عنه الاسم، وعلى هذا الوقف إذا لم يحقق الهدف الشرعي فإنه ليس بوقف حقيقةً، وإن حبس ومنع صاحبه من التصرف فيه، فتحقيق الهدف الشرعي من الوقف أمر لا بد منه؛ ليكون الوقف شرعياً، وشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- يرى أنه لا يستحق أن يسمى وقف إذا كان لا يحقق الهدف، أو كان فيه مخالفة للشرع بوجهٍ من الوجوه، فسواء كان في بدايته أو في نهايته، في أصله أو في غلته، فالأموال التي تجتمع من غير الوجوه الشرعية لا يصح الإيقاف منها؛ لأن الله -جل وعلا- طيب لا يقبل إلا طيباً، وإذا جمعت الأموال من وجوهها الشرعية ثم اشتري به وقف بعقدٍ فيه خلل أيضاً لا يتحقق الهدف الشرعي من الوقف؛ لأنه قربة فكيف يتقرب بمثل هذا؟ إذا عقد عليه عقد صحيح بمالٍ طيب، ثم بعد ذلك استغل الوقف فيما فيه مخالفة شرعية مثلاً، بيت أوقف أو دكان محل تجاري أوقف، ثم صار يزاول في هذا المحال ما لا يرضي الله -جل وعلا-، هذا لا يحقق الهدف الشرعي منه، وإذا كان بيت مثلاً وأجر على من يستعمله في المعاصي مثل هذا لا يحقق الهدف الشرعي، فلا بد أن يكون الوقف طيباً في جميع ما يتعلق به، تكون قيمته طيبة، ويكون استعماله في الوجوه الشرعية ومصاريفه شرعية، وإلا فماذا يستفيد الواقف من بيتٍ يستعمل في المعصية؟ أو في محلٍ تباع فيه مواد محرمة شرعاً، أو يزاول فيه عقود محرمة، أو بيت يؤجر على من يزاول فيه محرمات كالبدع ويعرف صاحبه أنه يؤجره على مبتدع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015