طيب الأمور التي لا مضرة فيها على أحدٍ البتة، شخص ينتظر آخر، وفي القائلة، يعني بعد صلاة الظهر مثلاً، واستظل بجدارك فيه ظل، ووقف عند الجدار يستظل به، أو على السور لمبات ومعه ورقة يريد قراءتها فقال بها هكذا يريد أن يقرأ، هل لك أن تمنع أو ليس لك؟ ليس لك أن تمنعه إلا إذا لحقك ضرر، يعني لو وجد مجموعة من طلاب العلم معهم مثلاً كتاب يريدون القراءة فيه، وما وجدوا نور قريب منهم إلا هذا النور الذي فوق الباب فجلسوا عند الباب، أنت متضرر من جلوسهم عند بابك، يعني مجرد ما يفتح يطلعون على عوراتك، مثل هذا لك أن تمنعهم، لكن في جهة ليس عندها باب ولا يزعجونك بأصواتهم ليس لك أن تمنعهم، فمثل هذه الأمور تنزل على هذا الحديث، فالناس شركاء فيما أصله الإباحة والإشاعة هذا مطلقاً، أما إذا حيز وتعب عليه وصرفت فيه الأموال فإن هذا عند جمع من أهل العلم لا يدخل في الحديث، ومنهم من يدخله، وينبغي أن يكون النظر شامل، في مثل هذه الأمور الأشياء التي لا تتضرر بها، ولا يلحقك بها أدنى ضرر، ويحتاجها الناس عليك أن تبذلها بطوعك واختيارك، ولك الأجر من الله -جل وعلا-.
النار التي يشترك فيها جميع الناس الأصل فيها النار المعروفة ذات اللهب، فإذا جاء أحد يريد أن يقدح منها فإنه لا يمنع، قد يقول قائل: ألا يدخل الحطب في النار لأنه يؤول إلى النار؟ هذا ما عنده نار، وأنت عندك حطب زائد، هل نقول: إن هذا من النار باعتباره يؤول إلى النار؟ أو نقول: هذا لك أن تمنعه؟ منهم من يقول: إن المراد به الحطب، ومنهم من يقول: المراد به الحجارة التي تورى منها النار، وعلى هذا لو جاء شخص يسألك عود كبريت ليوقد ناره، هل لك أن تمنع أو ليس لك ذلك؟ باعتبار أن المراد بالنار في الحديث الحجارة التي توقد منها النار؟ فإذا جاء شخص يسألك عود كبريت يضرك؟ لكن أنت افترض أن هذه الأعواد ثلاثة الذي بقي في العلبة ثلاثة، الآن توقد بواحد، وبعد قليل أو بعد منتصف الليل تحتاج إلى واحد، وبعد صلاة الصبح تحتاج إلى ثالث توقد به من أجل أن تستنفع بهذه النار، يلزم وإلا ما يلزم؟ نعم المسألة مردها إلى بذل النفع من غير لحوق ضرر، فإن كان يتضرر بذلك فله أن يمنع.