وعن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا ضرر ولا ضرار)) رواه أحمد وابن ماجه.
وله من حديث أبي سعيد -رضي الله عنه- مثله، وهو في الموطأ مرسل.
نعم، يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"وعن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- أن الصعب بن جثامة -رضي الله تعالى عنه- أخبره أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا حمى إلا لله ولرسوله)) رواه البخاري".
لا حمى الحمى في الأصل تحديد موقع مناسب، وقد يكون أفضل المواقع للرعي بحيث يحتجره ويحميه الإمام لترعى فيه إبل الصدقة أو مواشي بيت المال، أو الخيل التي تعدّ للغزو في سبيل الله، وأما الأملاك الخاصة فإنه لا يحمى لها، ولا يمنع الناس من أجلها، من الرعي في هذه الأرض التي يقع نظر الإمام عليها ((لا حمى إلا لله ولرسوله)) ولا هذه نافية، والنفي هنا يراد به النهي، وهو أبلغ من النهي الصريح، أبلغ مما لو قال -عليه الصلاة والسلام-: "لا يحمي أحد إلا ما كان لله ورسوله" يعني من إبل الصدقة، المواشي الزكوية التي تجبى من بهيمة الأنعام، والخيل التي تعد في سبيل الله، فالنفي هنا أبلغ من النهي، ومفاده النهي فلا يجوز لأحدٍ أن يحمي، ولا يجوز له أن يمنع الناس من الرعي في أي بقعةٍ كانت من الموات، ما لم تكن ملكاً له إلا إذا كان يحميها لله ولرسوله، في الحديث: في حديث النعمان بن بشير: ((ألا وإن لكل ملكٍ حمى)) وهذا أمر معتاد قبل الإسلام، كل ملك تقع عينه أو يقع نظره على بقعةٍ هي أنفع من غيرها لماشيته لكثرة النبات فيها يتخذونه، وبعد ذلك يمنع الناس من قربانها، ولذا جاء في الحديث: ((ألا وإن لكل ملكٍ حمى، ألا وإن حمى الله محارمه)) ثم قال: ((كالراعي يرعى حول الحمى)) وبعض الناس يحمي أرض ليست له، ثم بعد ذلك يمنع من دخولها، وإذا دخل فيها من غير قصد لأن المواشي من يملكها؟ طرد هذه المواشي، بل تعدى على صاحبها، وهذا ظلم نسأل الله السلامة والعافية، فلا يجوز له أن يحمي إلا إذا كان الحمى لله ولرسوله، أما لأمواله الخاصة فلا يجوز له أن يحمي.