ما هم من هذه الحيثية، التعمير والإحياء كلاهما يثبت الملك هنا، يثبت بلا شك، لكن في الحديث الأول يثبت الأحقية، وفي الثاني يثبت الملك، فإذا قلنا: "فهي له" لام ملك، وهناك أحقّ، كونه أحق بها لا يعني أن حقوق الغير المتعلقة بها انقطعت، لكن هو أحق بها، هذا في الأصل، في استعمال اللغوي لهذا اللفظ، كونه أحق بها لا يقطع حقوق الآخرين منه، بمعنى أنها لو عادت بواراً مرة ثانية ما صار أحق بها فتعود، وإذا قلنا: له لا تخلو هذه اللام إما أن تكون لام ملك أو لام اختصاص، فإن قلنا: هي لام اختصاص صار المعنى واحد، يختص بها ما دام محيياً لها، أما إذا عادت فليس بأحق بها، وليست له، وإذا قلنا: إن اللام للملك لا تعود أبداً، خلاص صارت ملكه، ولو عادت بوار له أن يبيعها، مسألة الأحقية المذكورة في الحديث الأول إذا قلنا: هذا الكتاب عندنا وضعنا كتاب هنا، ووضعنا عليه مسابقة وقلنا: من يفوز بهذه المسابقة له هذا الكتاب، أو هذا الكتاب من يجيب على هذه الأسئلة فهو له، أو فهو أحق به، فأجاب عشرة طلاب، واحد من الطلاب أخذ مائة بالمائة في الجواب، والثاني أخذ تسعين، والثالث تسعة وثمانين، إلى سبعين، ودرجة النجاح من ستين كلهم نجحوا، لكن من الأحق به؟ الأول الذي أخذ مائة بالمائة فهو أحق به، وهذا الحق وإن اشتركوا فيه بالجملة إلا أنه لا يتعدد، لا يحتمل إلا شخص واحد لا يمكن قسمته، فيملكه الأحق، انتبهوا يا الإخوان، إحنا عندنا كتاب وضعنا عليه مسابقة، وقلنا: من أجاب على هذه المسابقة فهو أحق به، أجاب عشرة على هذه المسابقة، وكلهم تجاوزوا درجة النجاح، فصار لكل واحد منهم حق متعلق بهذا الكتاب، إلا أن أحقّهم به الذي أخذ الدرجة كاملة، هذا الكتاب يملكه لأنه أخذ الدرجة الكاملة، هل معنى هذا أنهم لهم نظر فيها أو لهم حق فيه من خلال الصيغة؟. . . . . . . . . من أجاب على المسابقة فهو أحق به؟ أو نقول: إن استعمال هذه الصيغة على خلاف الأصل، ويأتي أفعل التفضيل مستعملاً في غير أصله {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا} [(24) سورة الفرقان] فهل أهل النار عندهم خير من خلال الصيغة؟ الأصل في استعمال هذه الصيغة نعم،