يقول الحافظ في فتح الباري بعد أن ساق شواهد الحديث، وذكر أن في أسانيدها مقالاً لأهل العلم كناية عن تضعيفها إلا أنها يتقوى بعضها ببعض فتصل إلى درجة الحسن لغيره، ومن أقوى الشواهد الحديث الذي قبله، هذا الحديث: ((من أحيا أرضاً ميتة فهي له)) والثاني: ((من عمر أرضاً ليست لأحدٍ فهو أحق بها)) إلا أن الصيغة في الحديثين فيها نوع اختلاف، يعني هل نقول: إن حديث عائشة شاهد لحديث سعيد بن زيد؟ أولاً: حديث عائشة لا يحتاج إلى شاهد في البخاري، لا يحتاج إلى شاهد أصل برأسه، لكن إذا أردنا أن ندرس حديث سعيد بن زيد وذكرنا شواهده نذكر حديث عائشة شاهداً له؟ وهنا تأتي مسألة في غاية الأهمية في مصطلح الحديث ننتبه لها، حديث سعيد بن زيد فيه كلام لأهل العلم، ومضعّف، وشواهده أفرادها ضعيفة، وجدنا له شاهد في الصحيح من حديث عائشة، هل نصحح حديث سعيد بن زيد باعتبار أن له شاهد في الصحيح أو نكتفي بقولنا: حسن؟ بمعنى أن الحديث الضعيف الذي له شواهد بعضها ضعيف، وبعضها حسن، وبعضها صحيح، هل يترقى درجة واحدة أو يترقى درجتين؟ يعني عندنا حديث ضعيف له شاهد أو شواهد ضعيفة، ثم وجدنا ما يشهد له من الأحاديث الصحيحة؟ بالأحاديث الضعيفة التي ضعفها قريب، مثل ضعفه يترقّى إلى الحسن لغيره، هذا ما فيه إشكال وجدنا له شاهد صحيح، هل نقول: إن هذا الضعيف يرتقي إلى الصحيح؟ بمعنى أننا نرقيه درجتين؟ أو نقول: يرتقي إلى الحسن لغيره فلا نرقيه إلا درجة واحدة؟ وهذه مسألة معروفة عند أهل العلم وفيها كلام الأكثر على أنه لا يرتقي أكثر من درجة، فغاية ما يقال في حديث سعيد بن زيد أنه حسن لغيره، ومنهم -وأشار إليه الحافظ ابن كثير في اختصار علوم الحديث- أنه لا مانع من أن يرقى إلى درجتين؛ لأن المقصود إيش؟ المتن، المقصود المتن والمتن صح، بل صح في البخاري، فلا مانع من أن نقول: حديث سعيد بن زيد صحيح؛ لأن له شاهداً في الصحيح على كلام من يرقي درجتين، وهذه المسألة يحتاجها كل من يخرج الأحاديث، والإشارة إليها خفية في كتب أهل العلم، إنما قد توجد في كتب التخريج، فينتبه لها، إذا درسنا حديث عائشة قلنا: صحيح ما تردنا فيه، لماذا؟ لأنه في البخاري إذا كانت الدراسة لحديث