القراض أن يتفق اثنان يكون المال من أحدهما والعمل من الآخر، وتسمى مضاربة، يعني في لغة أهل الحجاز قراض، وفي لغة غيرهم مضاربة، مأخوذة من الضرب في الأرض وهو السفر؛ لأن هذه المعاملة في الغالب تحتاج إلى سفر، من الضرب في الأرض، فالمضاربة والقراض بمعنى واحد، يتفق اثنان على أن يكون من أحدهما المال، والثاني عليه العمل، هذه مضاربة وقراض، هذا النوع من المعاملة موجود قديماً وحديثاً، وتشريع مثل هذا النوع وهو نوع من الشركة لا شك أن فيه مصلحة لجميع الأطراف، فقد يكون صاحب المال لا يحسن التجارة، وقد يكون مشغولاً بغيرها، منشغلاً عنها بتعلم أو بتعليم أو ما أشبه ذلك، وقد يكون مؤثراً للراحة، فماله يخدمه، والآخر قد يحسن التجارة، وعنده وقت، ولديه جلد، ومحب للعمل لكنه لا مال له، فإذا اشترك هذا مع هذا على أن يكون الربح بينهما هذا عين المصلحة، لكن لا بد أن يكون من أحدهما شيء، والثاني منه شيء أخر، أما أن يشترك على لا شيء، ويتفق على لا شيء، هذا لا يجوز، يعني لو جاء شخص واشترك مع شخص قال: أنا أكفلك وتشتغل باسمي، مني الاسم ومنك العمل، هذه شركة وإلا لا؟ هذه ليست بشركة، هذا أكل أموال الناس بالباطل وليست بشركة، والعلماء يفتون بتحريمها من وجوه، والأنظمة تمنعها، وعلى كل حال لا بد أن يوجد في مقابل المال الذي يأخذه جهد إما بدني أو مالي، هذا النوع من الشركة فيه قضاء على البطالة التي يتذمر منها ويشكو كثير من المجتمعات، فإذا تعاون الناس بمثل هذه الطريقة استفاد الكل، استفاد صاحب المال نمو المال، واستفاد صاحب العمل عمل وربح يتقوت منه، فلا يكون عالة يتكفف الناس.
يقول -رحمه الله تعالى-: