قضى: حكم وألزم -عليه الصلاة والسلام-، وحكمه من حكم الله -جل وعلا-؛ لأنه مبلغ عنه -عز وجل-، "قضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالشفعة في كل ما لم يقسم" يعني في كل شيء لم يقسم، ويؤيد هذا العموم رواية الطحاوي: "قضى النبي -صلى الله عليه وسلم- بالشفعة في كل شيء" هذا اللفظ العام يدخل فيه العقار وغير العقار، اشترك اثنان في سيارة وأراد أحدهما أن يبيع نصيبه على ثالث فهل تثبت الشفعة للشريك أو لا تثبت؟ المسألة خلافية بين أهل العلم، منهم من يرى إجراء هذا اللفظ على عمومه، (كل) من صيغ العموم، و (ما) أيضاً كذلك، ورواية للطحاوي صريحة: "قضى بالشفعة في كل شيء" يعني من العقار والمنقول، لو اشترك اثنان في ثوب، وأراد أحد الشريكين أن يبيع على ثالث فالشريك الأولى أولى به من هذا الثالث، تبعاً أو أخذاً من عموم "في كل شيء" فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة، فإذا وقعت الحدود هل يمكن أن تقع الحدود في المنقول؟ حدود في ثوب؟ حدود في سيارة؟ حدود في دابة؟ لا، إذاً العموم الموجود يراد به الخصوص، بدليل قوله: ((إذا وقعت الحدود)) يعني مما يمكن أن تقع فيه الحدود، وصرفت الطرق فلا شفعة، اللفظ الأول يدخل فيه كل شيء، سواء كان مما يحد ومما لا يحد، لكن ما يليه مما رتب عليه بالفاء، وفرع عليه؛ لأن الفاء تربط الجملة الثانية بالأولى، فإذا وقعت الحدود، وصرفت الطرق فلا شفعة، إذاً قضى بالشفعة في كل ما لم يقسم مما يصح أن تقع فيه الحدود، وتصرف فيه الطرق.