الحديث فيه دليل على أن غير المنقول يمكن غصبه، يتصور غصبه، والاستيلاء بالنسبة لكل شيء بحسبه، كما أن القبض الشرعي قبض كل شيء بحسبه، فيتصور غصب الأراضين والحديث صريح في الدلالة على ذلك، منهم من يقول: لا يتصور غصب إلا المنقول، كما أنه لا يتصور سرقة إلا المنقول، نعم السرقة لا تتصور، لكن الغصب يتصور، الغصب محرم، وبعضهم يجعل هناك قيد أن يكون المغصوب له قيمة، وش معنى له قيمة؟ يعني لو غصب شيئاً أو أخذ شيئاً من مال غيره لا يسمى غصب؛ لأنه لا قيمة له، شيئاً يسيراً، فالذي يدخل محل المكسرات مثلاً، كثير من الناس ما يتورع من هذا، وما عنده نية يشتري لكن يتذوق، هذه حبة من هذا، وهذه حبة من هذا، الحبة بمفردها ليست ذات قيمة وليست ذات بال، لكن لو تصور أن إنسان يتعيش عيشته كلها من هذا، يمر هذا المحل ثم الذي يليه ثم الثالث ثم الرابع إلى أن يشبع، يأخذ حبه من هذا، وحبه من الصنف الفلاني، وثالثة ورابعة وعاشرة، ثم ينتقل إلى المحل الثاني ومثله والثالث، مثل هذا لا شك أنه آثم، المحلات لا تمنع من ذوق المعروض للبيع، لكن بالنسبة لمن يريد الشراء.
يقول في الحديث الثاني: "وعن أنس -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان عند بعض نسائه، فأرسلت أحدى أمهات المؤمنين مع خادم لها بقصعة فيها طعام فضربت بيدها فكسرت القصعة فضمها وجعل فيها الطعام، وقال: ((كلوا)) ودفع القصعة الصحيحة للرسول، وحبس المكسورة" رواه البخاري والترمذي، وسمى الضاربة: عائشة، وزاد: فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((طعام بطعام، وإناء بإناء)) ".