((من اقتطع شبراً من الأرض ظلماً طُوقه أو طَوقه الله)) أكثر الروايات: طُوقه، ويحذف الفاعل للعلم به، وهنا الفاعل مذكور؛ طوقه الله: أي جعله طوقاً في عنقه، وقد اختلف في المراد بهذا التطويق؟ منهم من يجعله كالطوق يحيط بعنقه يوم القيامة من سبع أراضين، ليست أرض واحدة, وإنما من سبع أراضين، ومنهم من يقول: إنه يكلف أن ينقل هذه الأرض بجميع محتوياتها بترابها بصخورها من سبع أراضين يوم القيامة، ((طوقه الله إياه يوم القيامة من سبع أراضين)) وهذا فيه الوعيد الشديد والتنفير من مثل هذا الصنيع، من الذين يهجمون على أملاك الناس، ويستولون عليها، ولهم وجود، شيء منه بتأويل، وشيء بغير تأويل صريح، نسأل الله السلامة والعافية، والمحق ظاهر في الدنيا قبل الآخرة، وقصة شخص حصلت قبل ثلاثين سنة، له أرض أو بيت احتيج لهذا البيت للمصلحة العامة، فقدرت قيمته بملايين، فأراد أن يجعل هذه الملايين في بضاعة تحفظها فقيل له: ما في أفضل من العملة الفلانية، اجعل هذه الملايين في العملة الفلانية؛ لأنها ثابتة، ما يوجد أثبت منها على وجه الأرض، فجعلها، ثم بعد ذلك حصل في هذه البلاد التي هذه عملتها ما حصل من حرب فنزلت ولا تسوى واحد من ألف من قيمتها، والخمسة عشر مليون صارت ما تساوي خمسة عشر ألف، فلما بحث عن السبب إذا به قد اعتدى على جارة له عجوز، ودخل على بيتها، فالظلم لا يدوم، الظلم عاقبته وخيمة في الدنيا قبل الآخرة نسأل الله السلام والعافية، والله -جل وعلا- حرم الظلم على نفسه، وجعله بين العباد محرماً فهذا المسكين الذي يعتدي على أملاك الآخرين، ويعتدي عليها، ويأخذ منها، ويغير المراسيم والمنار والعلامات والحدود مثل هذا المسكين مثل هذا التصرف يمحق بركة ماله في الدنيا قبل الآخرة، وفي الآخرة الوعيد المذكور ((طوقه الله إياه يوم القيامة من سبع أراضين)) في الحديث دليل على أن الأراضين سبع كالسماوات، وهذا من أصرح الأدلة على ذلك، وفيها في المسألة حديث: ((والأراضين السبع وعامرهن)) وفيه مما ليس بصريح: {وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ} [(12) سورة الطلاق] فالأراضين السبع كالسماوات، وكونه يطوق من سبع أراضين يدل على أن الأراضين ملتصقة بعضها