هذا قريب من الحديث السابق، الحديث السابق الذي فيه أن الإنسان لا يخرج عن يقين الطهارة إلا بيقين الحديث، وأن مجرد الشك لا يخرجه، أو لا يلغي الطهارة المتيقنة، وعلى كل حال الحديث قابل للتحسين، قابل للتحسين ((يأتي أحدكم الشيطان في صلاته فينفخ في مقعدته، فيخيل إليه أنه أحدث)) يعبث في مقعدة ابن آدم، فيخيل إليه، أو فيخيِل الشيطان أنه أحدث ولم يحدث، أو فيخيل الحدث نعم ((فإذا وجد ذلك فلا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يحد ريحاً)) فالطهارة المتيقنة لا تنقض بشك، بل لا بد من يقين، والشك لا يرفع اليقين كما هو القاعدة المعروفة، وأصله في الصحيحين من حديث عبد الله بن زيد، لا يلزم أنه إذا قيل: أصله في كذا، لا يلزم أن يكون اللفظ المطلوب في الصحيح، وإنما يكون جزء من الحديث في الصحيح غير محل الشاهد، غير محل الشاهد.
"ولمسلم: عن أبي هريرة نحوه" تقدم أيضاً حديث أبي هريرة قبل عشر صفحات، قبل كم حديث؟ نعم، بيأذن.
يقول المصنف -رحمه الله تعالى-: "ولمسلم عن أبي هريرة أيضاً نحوه" هو الحديث الذي تقدم الخامس المخرج في مسلم: ((إذا وجد أحدكم في بطنه شيئاً فأشكل عليه أخرج منه شيء أو لا؟ فلا يخرجن من المسجد)) وتقدم شرحه، وهو شاهد لأحاديث الباب.
يقول: "وللحاكم عن أبي سعيد مرفوعاً: ((إذا جاء أحدكم الشيطان فقال: إنك أحدثت فليقل: كذبت)) وأخرجه ابن حبان بلفظ: ((فليقل في نفسه)) ".
الشيطان حريص وقد حلف بعزة الله -عز وجل- أن يغوي الناس، لماذا؟ ليكثر السواد معه في النار، وهو العدو الحقيقي فعلينا أن نتخذه عدواً كما أمرنا الله -عز وجل-، فهو يريد أن يفسد هذه العبادة التي هي أعظم دعائم الإسلام وأركانه بعد الشهادتين، فعلينا أن لا نلتفت لتلبيسه لا في الصلاة ولا في غيرها، وكم من شخص ابتلي بوسواس أعقبه جنون، في باب الطهارة أكثر ما يأتي الشيطان للإنسان في باب الطهارة، فإذا عزم على نفسه وتطهر جاء يوسوس إليه في الصلاة، فيعبث بمقعدته لكي ينصرف ويترك الصلاة.