قبل الآذان يحضرون، وإذا قيل: ما شاء الله أنت تحفظ كذا، قال: ما شاء الله شوف زملائي وش يسوون ويفعلون؟ ويقومون الليل، ويصومون النهار وأنا مسكين، مثل هذا إذا نظر إلى من فوقه بعثه ذلك على العمل بخلاف ما لو نظر إلى من دونه، إذا قيل له: وراك ما تجي إلا مع الإقامة؟ قال: أنت ما التفت يوم سلمنا صفين كلهم يقضون، مثل هذا يعاقب، المرة الثانية بيقضي، هذا ما يتشجع ويزداد من العمل الصالح، فهذا أمر مطرد في أمور الدنيا انظر إلى من دونك لتشكر نعمة الله عليك، ولا تزدري وبأمور الآخرة العكس، من أجل إيش؟ أن تتشجع، وحقيقة ما وصلنا إلى ما وصلنا إليه من الانحطاط الذي نعيشه إلا بسبب نظرتنا العكسية لما طلب منا، فإذا قيل: يا أخي البلد قبل عشرين سنة وضعه غير هذا، البلد ما زال ينحدر، قال لك: شوف اللي جنبا، النار تبي تمتلئ من غيرنا، في ناس ما يصلون ولا يعرفون الله، وإحنا بنعمة نصلي ونصوم والحمد لله، وندحدر إلى أن نصل إلى حد لا نهاية له ونحن نقول .. ، ما يقول: انظر إلى البلد قبل عشرين قبل ثلاثين سنة، انظر إلى الصحابة، انظر إلى السلف، انظر إلى كذا، فمثل هذا لا شك أنه يوقع على كافة المستويات الأفراد والجماعات في هوة سحيقة، إذا نظر الإنسان تقول مثلاً لواحد: والله يا أخي أنت ما عندك إلا درسين بالأسبوع، قال: احمد ربك الزملاء كلهم ما عندهم دروس، هذا في النهاية يترك، لكن لما تضرب له مثال، شوف اللي عندهم أدركنا ناس عندهم خمسة دروس في اليوم من المشايخ، حينئذٍ يتشجع ويعمل، والله المستعان.
"أوصاني خليلي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن أنظر إلى من هو أسفل مني، ولا أنظر إلى من فوقي، وأن أحب المساكين" حبك للمساكين يدل على أنه لله -جل وعلا-؛ لأنك لا ترجو من هذا المسكين شيء، تحب المساكين لهذا الوصف، لكن لو كان هذا المسكين عنده بنت وأنت طامع فيها، أنت تحب هذا المسكين لأنه مسكين؟ لا لأن وجود الوصف المناسب وهو المسكنة يحال عليه الحكم، يعني ما جاء الحث على حبهم إلا لأنهم مساكين، لا لأمر آخر.