"وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عمر على الصدقة" فالإمام يبعث السعاة والجباة لجباية الزكاة، فيأخذها ممن وجبت عليه "فقيل: منع ابن جميل وخالد بن الوليد والعباس" منعوا ورفضوا أن يدفعوا الصدقة إلى عمر -رضي الله تعالى عنه- "فلما بلغ ذلك النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((ما ينقم ابن جميل إلا إن كان فقيراً فأغناه الله)) " يعني ليس له عذر إلا هذا، وهذا تأكيد للذم بما يشبه المدح، ليس له عذر إلا أن كان فقيراً فأغناه لله! هذا شكر النعمة؟! لما أغناه الله -جل وعلا- يمنع ما أوجب الله عليه! هذا ذم له، ((وأما خالد فقد احتبس أدراعه في سبيل الله)) منهم من يقول: إنه جعل هذه الأدراع بمثابة الزكاة، أخرجها عن الزكاة في سبيل الله وفي سبيل الله مصرف من مصارف الزكاة، وأخرج الزكاة عرض، ليست مال، والذي يظهر أن مثل خالد الذي حبس أدراعه في سبيل الله وأدراعه تعادل أكثر مما أوجب الله عليه لا يظن به أن يبخل بما أوجب الله عليه، يعني لو أن شخصاً عنده عمارة يؤجرها أو عرضها للبيع، فزكاتها كم تسوى؟ قالوا: قيمتها مليون، كم زكاتها؟ خمسة وعشرين ألفاً، وقبل أن تجب عليه الزكاة قال: هذه العمارة وقف لجمعية تحفيظ القرآن، هل نقول: مثل هذا يمنع الزكاة؟ هذا هروب من الزكاة؟ مثل هذا الذي تصدق بهذه الصدقة الكبيرة أكثر مما أوجب الله عليه لا يظن به أنه يمنع ما أوجب الله عليه، والأسلوب والسياق يدل على هذا.
((وأما العباس فهي عليّ ومثلها معها)) فتحملها النبي -عليه الصلاة والسلام- عنه، ومثلها معها، ومنهم من يقول: إن العباس قد قدم زكاة سنتين، دفعها مقدمة للنبي -عليه الصلاة والسلام-، فقوله: ((هي علي)) يعني عندي، عندي زكاة هذه السنة من زكاة العباس والتي تليها، فقد قدم زكاة سنتين، والشاهد من الحديث للوكالة أن الزكاة تقبل التوكيل، وتقبل النيابة، ولذا تحملها النبي -عليه الصلاة والسلام- عن عمه، وفيه أيضاً توكيل النبي -عليه الصلاة والسلام- لعمر بن الخطاب في قبض الزكاة، النبي -عليه الصلاة والسلام- وكّل عمر في قبض الزكاة من أصحابها.