((إلا صلحاً حرم حلالاً أو أحل حراماً)) هذا الصلح وإن رضي به الطرفان لا يجوز البتة، فلو تشاجر اثنان، حصل صدام بين زيد وعمرو في سيارتيهما، وحصل نزاع وشقاق وجاء وأصلح بينهم، وقال واحد: يصطلحان على مقدار من المحرمات، إما من خمر أو من غيره، تدفع له كذا مقابل، نقول: لا؛ لأن هذا فيه جعل الصلح عوضه محرم، أو مثلاً يصطلحان على أن يقرضه مبلغ كذا ويرد عليه مبلغ كذا أكثر منه، الصلح يتضمن صفقة ربا فلا يجوز، هذا أحل حراماً، وإذا حرم حلالاً، يصلح بينهما على أن يمنعه من الاستفادة من سيارته أو يبيعه يحصل بينهما بيع، صفقة بيع سيارة، ثم يحصل شقاق ونزاع في شرط من الشروط، أو في مسألة متعلقة بها، ثم يقول: على أن لا تستفيد من سيارتك مدة سنة، فمثل هذا يمعنه من الحلال، الذي هو مقتضى العقد، فهذا الشرط منافي لمقتضى العقد وإن كان صلحاً، ولو رضي به الطرفان، فهو شرط ليس بصحيح.
((والمسلمون على شروطهم)) هذا الأصل، وفي رواية: ((المؤمنون على شروطهم)) ولا يخرج المسلمين وإن كانوا دونهم في المنزلة، على كل حال هذا اللفظ ثبت من طرق ((المسلمون على شروطهم)) يعني شروطهم لازمة بينهم ومن أوفى ومن أوجب ما يجب الوفاء به من الشروط ما استحلت به الفروج بين الرجل وامرأته، فإذا اشترطت الزوجة على زوجها، واشترط على زوجته لا بد من الوفاء، ((المسلمون على شروطهم)) اشترطت الزوجة على الزوج أن تكمل الدراسة وأن تتوظف بعدها، أو اشترط عليها العكس أن تترك الدراسة أو تترك العمل، يجب الوفاء أو لا يجب؟ المسلمون على شروطهم، يجب الوفاء بذلك، لكن إذا خيرها بين ترك الشرط أو بين أمر يملكه، اشترطت عليه أن تدرس، ثم لما دخل بها ورزقوا بمولود ورأى أنها انشغلت عنه وعن بيته، قال: إما أن تتركي التدريس أو ورقة الطلاق، له ذلك وإلا لا بد أن يفي بشرطه؟ إذا خير بين أمر يملكه، من أهل العلم من يقول: إن له ذلك؛ لأنه يملك طلاقها، فإذا رضيت يكون من باب التنازل عن هذا الشرط بمقابل البقاء، فتكون هي التي تنازلت، ولا شك أن هذا التخيير شبيه بالإكراه والإلجاء؛ لأنها بعد أن أتت بمولود ومعروف أنها لن تتزوج إلا بمثله أو أقل منه، فترضى بهذا الشرط وتترك.