"عن عمرو بن عوف المزني -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحاً حرم حلالاً أو أحل حراماً، والمسلمون على شروطهم إلا شرطاً حرم حلالاً أو أحل حراماً)) " رواه الترمذي وصححه" وأنكروا عليه، بل الحديث بإسناد الترمذي ضعيف جداً؛ لأنه من رواية كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني، وهو ضعيف جداً، كذبه الشافعي، وتركه أحمد، وقال ابن حبان: إن له عن أبيه عن جده نسخة موضوعة، حتى قال أبو داود: إنه ركن من أركان الكذب، على كل حال تصحيح الترمذي تساهل شديد، سعة في الخطو، وانتقد بسبب ذلك، ولذا قال الذهبي: لا يعتد العلماء بتصحيح الترمذي؛ لأنه صحح مثل هذا، وله نظائر، يعني وإن كانت دونه في المرتبة، وأحاديث ضعيفة صححها، لكن مثل هذا نادر أن يصحح بمثل هذا، تساهل من الترمذي، ولذا لا يعتد العلماء بتصحيحه، كما قال الذهبي وغيره، ومثل هذا لا يقدح في إمامة الترمذي، الترمذي إمام، وأما الوقوع في مثل هذه الزلات لا بد منها، فليس بمعصوم، نعم مقل منها ومستكثر، والإمام ليس بمعصوم، ويكفي في إمامته ما سطره في هذا الكتاب العظيم، جامعه الذي هو من أنفع الكتب لطالب العلم في الرواية والدراية، لطالب العلم الذي يريد أن يتخرج على كتاب من كتب السنة بجميع فنونها، فليعمد إلى جامع الترمذي ويدرسه دراسة واعية دراية ورواية بالأسانيد والمتون، بالشواهد والإشارات والاستنباط، هذا ما فيه مثل جامع الترمذي، ويكفي في إثبات فضله مثل هذا العمل، لكنه ليس بمعصوم، وتساهله ظاهر في التصحيح، ويبقى أنه إمام من أئمة المسلمين، وكتابه لا يمكن أن يستغنى عنه، ومثل هذا الكلام إنما يوجه لمن أراد أن يقلد الترمذي، أما من توفرت لديه الأهلية والنظر في الأسانيد والمتون، وبحث عن كل حديث حديث في كتاب الترمذي، وحكم على كل حديث بما يليق به، مثل هذا لا يوجه إليه الكلام، سواء كان الترمذي متساهل أو متشدد سيان؛ لأنه لن يعتمد على تصحيح الترمذي، فإذا كانت الأهلية موجودة لا يعتمد على هذا، وإن كانت الأهلية غير موجودة للباحث فليقال: إن قول الترمذي في أقوال غيره من الأئمة، ويبقى أن الترمذي مهما قيل إمام من أئمة