في فتح الباري يقول: "وقال الشافعي والجمهور، الشافعي والجمهور بأن لحم الإبل لا ينقض الوضوء" ولا بد من أن يقيد الجمهور، لما عرفنا من أن القولين متساويين من حيث العدد، ولا يطلق الجمهور إلا على الأكثر، لا بد أن يقال: قال الشافعي والجمهور من أصحابه، ما يطلق الجمهور، كما قال صاحب عون المعبود: "قال: الشافعي والجمهور من أصحابه" لأن من الشافعية أيضاً من قال بالقول الثاني.
على كل حال هذه المسألة فيها ما سمعنا من أمره -عليه الصلاة والسلام- بالوضوء من لحم الإبل في الحديثين الصحيحين، وفيها أيضاً الحديث الآخر: "كان آخر الأمرين –في حديث جابر- كان آخر الأمرين من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ترك الوضوء مما مست النار" وما مست النار يدخل فيه لحم الإبل وغيره، فالذي يقول: نعمل بآخر الأمرين يقول بالنسخ، لكن المعتمد عند أهل العلم أنه لا يصار إلى النسخ إذا أمكن الجمع، والجمع يمكن بحمل العام على الخاص كما سمعنا، وحديث لحم الإبل خاص وترك الوضوء مما مست النار عام، والخاص مقدم على العام عند أهل العلم.
لحم الغنم ولحم الإبل ما الذي يقصد باللحم؟ هل يقصد به الأحمر فلا يدخل فيه ما عداه من كبد، أمعاء، ومصارين، وكرش وما أشبه ذلك، يدخل أو لا يدخل؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يدخل لماذا؟ المسألة كما تعرفون خلافية مشهورة عند من يقول بنقض الوضوء من لحم الإبل، المسألة كما تعرفون مشهورة التنصيص على لحم الإبل، والكبد والطحال والكرش والأمعاء لا يقال لها لحم لا لغة ولا عرفاً، لكن ماذا يقول هذا القائل عن قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ} [(3) سورة المائدة] {وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ} إذا قلنا بهذا القول فيلزمنا أن نقول: بأن شحم الخنزير وما حواه جلده من غير اللحم ليس بحرام، وإلا نكون حينئذٍ قد فرقنا بين المتماثلات، وعلى كل حال المسألة خلافية كما سمعتم والأحوط أن يتوضأ من كل ما حواه جلده، من كل ما حواه جلد البعير.