إذا كانت أمانة كيف يضمن؟ إذا قلنا: أنه أمين كيف يضمن؟ أما إذا فرط وتعدى، وزاد في الماء أو نقص من الماء كونه يضمن ظاهر، كون البائع يضمن لأنه قطع الماء، قال: والله هذا النخل إن أراده صاحبه يسقيه وإلا بكيفه، فمثل هذه الحالة يضمن، أو زاد عليه الماء من أجل أن يتلف في هذه الحالة يضمن؛ لأنه متعدي، لكن المسألة طبيعية آفة ما حسب لها حساب، فالأمر بوضع الجوائح، منهم من يقول: على سبيل الإلزام، وحينئذٍ تذهب الثمرة على صاحبها على البائع، ولا شيء على المشتري، ومنهم من يقول: هذا على سبيل الاستحباب، وينبغي أن يسود مثل هذا بين المسلمين، لكن إذا قلنا على سبيل الاستحباب، وقلنا: لصاحب البستان اضمن القيمة كاملة استحباباً وحثثناه على ذلك، لاحظنا مصلحة المشتري على حساب البائع، والأصل في الأحكام الشرعية أنها متوازنة وعادلة بين الأطراف كلها.
جاء في الحديث -حديث أبي سعيد- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمر الناس أن يتصدقوا على الذي أصيب في ثماره، يعني يتعاونون معه، الذي أصيب في ثماره هل هو البائع وإلا المشتري؟ يعني العقد الذي حصل بعد الإذن ببدو الصلاح، وبعد القبض بالتخلية وهو قبض شرعي معتبر، وانتقل المال من ضمان البائع إلى ضمان المشتري؛ لأنه انتقل إليه الملك، وقد أمر البائع بوضع الجوائح، وأمر الناس أن يتصدقوا على من أصيب بالجائحة، أمر البائع بوضع الجائحة لا شك أنه على سبيل الاستحباب، وهذا الذي يجري على قواعد الشرع؛ لأن البيع صحيح مأذون فيه، مكتمل الشروط والأركان، فالأمر بوضع الجائحة هنا على سبيل الاستحباب إن لم يحمل البيع على غير المأذون به، كما قال بعض أهل العلم، بدليل أنه قال: ((بم تأخذ مال أخيك بغير حق؟ )) وأنت إذا بعته بعد الإذن لك شرعاً صار ملك بحق، وأنت تأخذه بحق، وكون الناس يتصدقون على من أصيب بجائحة هذا أمر شرعي مقرر، فرفع الضرر عن المتضرر من المسلمين أمر لا بد منه، وجاء في حديث قبيصة بن المخارق لما تحمل الحمالة ذكر فيمن يتصدق عليه، وأن المسألة تحل له.