((إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر)) كناية عن الزرع، اشتغلتم بالزراعة، والزراعة من أفضل الأعمال.
((وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع)) يعني حينما يكون المحمود مسبباً لترك .. ، أو يكون في مقابل ما هو أعظم منه يذم صاحبه، لكن إذا كان مضموماً إلى ما هو أفضل منه يذم صاحبه وإلا يمدح؟ يمدح، يعني إذا رضينا بالزرع ونحن نجاهد، أخذنا أذناب البقر وزرعنا وجاهدنا وأدينا الواجبات كلها، عند بعض أهل العلم الزارعة أفضل المكاسب، ولذا يخطئ بعض الناس في فهم قوله -جل وعلا-: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} [(19) سورة التوبة] يعني التمدح بعمارة البيت الحرام، نعم إذا كان في مقابلة الإيمان يعني يتمدح به من لم يؤمن، فهذا ذم وإلا مدح؟ هذا من مسائل الجاهلية، ذكره شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب من مسائل الجاهلية فهو ذم، لكن إذا كانت عمارة المسجد الحرام ممن يؤمن بالله، والمعارة سواء كانت الحسية أو المعنوية جاء مدحها في الشرع، وهنا الزراعة عند جمع من أهل العلم أطيب المكاسب، لكن متى تذم الزراعة وهي أطيب المكاسب؟ إذا صارت في مقابل ما هو أفضل منها وأولى، إذا صدت عن واجب، أنت افترض طالب علم تقرأ القرآن، وتقرأ في السنة، وتنهمك في مثل هذا وتضيع الواجب، ما تصلي في المسجد، أو تجئ صلاة الجمة والخطيب يخطب وأنت في يدك مصحفك، تذم وإلا ما تذم؟ تذم، فالذم هنا والسياق سياق ذم ((وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع)) الأصل أن هذا من أطيب المكاسب، لكن كيف سيق مساق الذم؟ لماذا؟ ((تركتم الجهاد)) يعني بسبب ذلك تركتم الجهاد في سبيل الله، النتيجة؟ ((سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم)) والأسلوب أسلوب تهويل وتعظيم في لشأن الجهاد؛ لأنه جعل من فعل ذلك كأنه خرج من دينه، فاستحق هذا الذل، وهذه المسكنة والمهانة حتى يرجع إلى الذي خرج منه، وهو الدين، ففي هذا تعظيم شأن الجهاد، وتحقير أمور الدنيا التي تصد عن الجهاد.