يبقى عندنا حديث عبد الله بن عمرو بن العاص وحديث سمرة بينهما التعارض ظاهر، مع أن منهم من حمل حديث عبد الله بن عمرو بن العاص على القرض، لكن القرض مع التفاضل عين الربا، لو قلت لشخص: أقرضني ألفاً على أن أؤديه لك ألف ومائة ربا وإلا ليس ربا؟ ربا بلا شك، ولذا جمهور أهل العلم يرون القرض لا يقبل التأجيل، معنى هذا الكلام أنه لو قال: أقرضني ألفاً وأسدده لك من الراتب، يعني الراتب بقي عليه أسبوعين وأسدده لك، هل يلزم المقرض أن ينتظر إلى مجيء الراتب أو له أن يطالبه قبل ذلك؟ نعم؟ يعني لو قلنا: إن هذا مال بمال مع التأجيل، الجمهور على أن القرض لا يقبل التأجيل، لكن إن تركه إلى أن يأتي الراتب أو الراتب الثاني، أو السنة الثانية هذا فضل منه، فلو أقرضه قال: أنا عندي مشروع ومحتاج إلى مبلغ كذا وأؤديه لك أقساط لمدة سنة كل شهر كذا، ثم احتاج المقرض هل له أن يلزم المقترض أو ليس له ذلك؟ القرض لا يقبل التأجيل، فله أن يلزم المقترض عند الأكثر، ويرى الإمام مالك -رحمه الله- أن القرض يقبل التأجيل، وأن المسلمين على شروطهم، وهو ما يرجحه شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-؛ لأن المسألة في الربوي ريال بريال، لا بد من التقابض، ولا بد من التساوي، التساوي ألف بألف، بيؤدي ألف ما هو بزايد، لكن التقابض أجله لمدة سنة هل في تقابض؟ الجمهور لئلا يلزموا بأن هناك صور من الصور التي فيها عدم التقابض وتجوز، فيورد عليهم بعض المسائل، قالوا: إن القرض لا يقبل التأجيل، وكونه يتأخر في دفعه ويصبر عليه المقرض هذا فضل منه، وإلا لو قبل التأجيل لوقعنا في عين الربا؛ لأنه لا بد من التقابض، وإلا كيف نشترط التقابض وهو يقبل التأجيل؟ هذا قول أكثر أهل العلم أنه لا يقبل التأجيل، وهو معروف عند الحنابلة وغيرهم، وأما المالكية فيقولون: المسلمون على شروطهم، ويرجحه شيخ الإسلام، وأيضاً الحاجة قد تقتضي ذلك.