"وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: ذَكر" أو ذُكر، وضبط بهذا وهذا، وآخر الحديث يدل على أنه ذكر، ذكر رجل لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن نفسه أنه يخدع في البيوع، يغلب، مسترسل إذا رأى سلعة يريدها لا يسأل عن ثمنها، ولا يتحرى في ذلك، ولا يعرف المماكسة، يُخدع في البيوع، فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((إذا بايعت فقل: لا خلابة)) يعني لا خديعة ولا غبن، وهذا الرجل هو حبان بن منقذ، رجل أصابه ضربة على رأسه فصار فيه شيء من التغفيل بسببها، وأثرت أيضاً على لسانه، فيقول: لا خذابة بالذال، والأصل أن الخلابة الخديعة والخيانة والغش، فإذا اشترط أنه لا خلابة ولا خيانة ولا خش ولا غبن صار له الخيار، وطالع عمره إلى ولاية عثمان -رضي الله عنه- فكان إذا بائع أحداً وأراد الرد أتى بمن يشهد له من الصحابة أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال له: ((إذا بايعت فقل: لا خلابة)) وكان يقولها فيثبت له الخيار، وهذا ما يسمى عند أهل العلم بخيار الغبن، والغبن يقول به جمع من أهل العلم، وهو معروف عند الحنابلة أنه إذا وجد في ثمن السلعة غبن وزيادة تقدر بالثلث أخذاً من قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((الثلث كثير)) في حديث الوصية، فقدروا ذلك بالثلث، وإلا فالأصل أن ما في تقدير، وأكثر أهل العلم على عدم إثبات هذا النوع من الخيار، وأن الإنسان إذا فرط ولم يحتط لنفسه لم يثبت له هذا النوع من الخيار، ومنهم من يقول: الدنيا كلها لا غبن فيها، ولو بيعت السلعة بعشرة أضعاف لا غبن فيها، والغبن إنما يكون في القيامة {ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ} [(9) سورة التغابن] أما الدنيا فكلها ما فيها ما يستحق أن يسمى غبن، اللهم إلا فيما يضر بالآخرة، أو لا ينفع ولا يفيد في الآخرة هذا هو الغبن، ومنه الحديث الصحيح: ((نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ)) مغبون دل على أن هناك غابن ومغبون، لكن في ترك ما ينفع في الآخرة، أو ارتكاب ما يضر، هذا المغبون، عدم استغلال الصحة والفراغ فيما يقرب إلى الله -جل وعلا- غبن، وأي غبن يعني أنت إذا افترضت أن شخصاً نام الضحى وفاته ما كسبه غيره من أمور الدنيا بأن يكون زيد من الناس خرج إلى السوق، وربح ألف في