((وكانا جميعاً)) افترض أنهما ليسا جميعاً واحد في الشرقية والآخر في الغربية وبالهاتف تبايعا، كيف ينتهي خيار المجلس؟ النص على أنهما كان جميعاً، نعم؟ هل له مفهوم؟ وكان جميعاً هذا مفهومه أنه إذا لم يكونا جميعاً يعني في مكان واحد فلا خيار للمجلس؛ لأنه لا حقيقة للمجلس، ولا مجلس يضم الاثنين، يعني هل يكون التفرق بالكلام بمجرد الإيجاب والقبول؟ أو بمفارقة كل واحد منهما مجلسه؟ أو يكون هذا هو مجلس البيع حكماً، لكن قوله: ((وكانا جميعاً)) يدل على أنه يحصل التفرق بمجرد انعقاد الصفقة، وهذه فائدة قوله: ((وكانا جميعاً)) وأما ما يتم بالوكالة فالوكيل له حكم موكله.
((ما لم يتفرقا)) ظاهر الحديث .. وفي أخره قال: ((وإن تفرقا بعد أن تبايعا)) ولم يترك واحد منهما البيع فقد وجب البيع، يعني ظاهر اللفظ يدل التفرق بالأبدان، ((وكان جميعاً)) جميعاً بالأبدان أو بالأقوال؟ بالأبدان، وإن تفرقا بعد أن تبايعا, لا يتم التبايع، وإذا تبايعا لا يتم هذا إلا بعد التفرق بالأقوال، ويبقى الخيار إلى التفرق بالأبدان، والنص كالصريح في هذا، وبهذا يقول الشافعي وأحمد والصحابة بحيث لا يعرف من الصحابة من قال بخلافه، ومن تبعهم، فالمراد بالتفرق التفرق بالأبدان، ومذهب أبي حنيفة ومالك أن التفرق بالأقوال، ((إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا)) بالأقوال ولو لبثا في مجلسهما، خلاص قال: بعتك هذه الدابة أو هذه الدار بألف، وقال: اشتريت تفرقا بالأقوال، وعلى هذا يلزم البيع عندهما، ولو مكثا في المجلس، ولو طلبا أحدهما الفسخ، لا يتمكن من ذلك، فقد وجب البيع؛ لأن التفرق عندهما وعند من يقول بقولهما إنما هو التفرق بالأقوال.