وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا تبايع الرجلان)) تبايعا: تفاعلا، والمفاعلة والتفاعل إنما تكون بين طرفين، تبايعا، والعقود لا تكون إلا بين اثنين، لا تكون إلا بين اثنين، بين عاقدين، وهنا بائع ومشتري، وإطلاق التبايع على الطرفين حقيقة فيهما، أو يقال: هو بالنسبة للبائع حقيقة، وبالنسبة للمشتري فيه شيء من التجوز، وإن أطلق في بعض النصوص على المشتري أنه بائع، وهو في الحقيقة بائع؛ لأن البيع مبادلة مال بمال، البيع في حقيقته مبادلة مال بمال على ما تقدم تعريفه في أول كتاب البيوع، فكل منهما معطي الآخر ما بيده، فالبائع للمشتري السلعة، والمشتري الذي هو بائع أيضاً من هذه الحيثية معطيٍ لما معه من الثمن للبائع، فكل منهما بائع وكل منهما مشتري، من هذه الحيثية قال: ((إذا تبايع الرجلان)) الرجلان وفي حكم ذلك الرجل مع المرأة، أو المرأتان، فإذا تبايع المرأتان ثبت لهما هذا الحكم، أو تبايع رجل مع امرأة فالحكم كذلك، وينص على الرجال كثيراً في هذا الباب؛ لأن الرجال هم الأصل في هذا الباب، وأما بالنسبة للنساء يحصل منهن ما يحصل من عقود، وتصح عقودهن؛ لأنهن يملكن، والمال الذي بيد المرأة ملكها، وتتصدق منه بما شاءت بغير أذن زوجها؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- لما خص النساء بخطبة خاصة في يوم العيد وحثهن على الصدقة تصدقن من غير إذن أزواجهن، وعلى أنه جاء في سنن أبي داود بإسناد لا بأس به على أن المرأة لا تتصرف إلا بإذن زوجها، فالمرأة تملك وتتعامل بالمعاملات المباحة كالرجل إلا أنه ينص على الرجل كثير في هذه الأبواب؛ لأنه هو الأصل، ولو قيل: إن امرأة ما عقدت عقداً منذ أن ولدت إلى أن ماتت ما بعد، وصار إجراءً طبيعياً ما تلام؛ لأنها مكفية، والرجال قوامون على النساء، وتقضى حاجتها وهي في بيتها، وهو الأصل، إتباع للأمر بالقرار في البيوت، خلاف ما إذا كانت المرأة خراجة ولاجة كما هو شأن كثير من النساء مع الأسف الشديد في هذه الأزمان، كثير من الرجال يترك الأمر للمرأة ويدعها تذهب وترجع إلى الأسواق، في كل يوم، وتشتري حاجات البيت التي هي الأصل على عاتقه، وقد يكلفها بشراء ما يختص به