"وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مر على صبرة" وهي الكوبة المجتمعة من الطعام "فأدخل يده فيها" ليختبر -عليه الصلاة والسلام- "فنالت أصابعه بللاً" معروف أن التمر إذا جاءه الماء يفسد مع الوقت ما لم ينشف حالاً، لكنه يفسده الماء، وقل مثل هذا فيما يتلفه الماء كالورق مثلاً أو الحبر المكتوب، المقصود أن مثل هذا إخفاؤه عن المشتري غش، "فنالت أصابعه بلالاً، فقال: ((ما هذا يا صاحب الطعام؟ )) قال: أصابته السماء" يعني أصابه الماء، المطر (إذا نزل السماء بأرض قومٍ) فالمراد بالسماء هنا المطر.
"أصابته السماء يا رسول الله، قال: ((أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس؟ )) أما أن يخفى بحيث لا يراه المشتري هذا هو الغش، وفي الحديث: ((من غش فليس مني)) وفي رواية: ((من غشنا فليس منا)) يعني ليس على هدي، وليس على طريقتي، وليس من المقتدين بي، والمؤتسين بعملي، هذا معناه، وجمع من أهل العلم يكرهون تفسير مثل هذه النصوص؛ لأن عدم تفسيرها أبلغ في الزجر عن هذا العمل.