خمسين سنة، وما زالت إلى الآن، تجد البيت بدلاً من أن يؤجر أو الشقة بعشرة آلاف في عملاتهم هو يؤجر بعشرة فقط آحاد، بدلاً من الآلاف، وما زال الأمر جاري هذا ظلم لمن؟ ظلم لصاحب المال، ويكون سبباً في ظلم المستهلك؛ لأن صاحب المال بيضطر إيش يفعل؟ يغلق هذا البيت، لا يؤجره، يقول: بدلاً من أن أؤجر لا يؤجر، أيضاً من كانت عنده نية أن يتوسع ويوسع على الناس في البيوت والمساكن، يقول: ليش أعمر، وهو من دخله لا يخرج، ولا أستطيع أن أزيد عليه، خله يجلس، خلها أرض، حتى أن بعضهم يتحايل على بعض العمارات الفارهة الشاهقة يهدمها، فإلزام الناس بأسعار لا شك أنه ظلم لهم، نعم قد يتوقع أو يتوخى مصلحة في وقت من الأوقات في ظرف من الظروف لأمر طارئ ويزول ويزول هذا بزواله، ويجتهد إمام، أو يفتى بهذا شيء، نعم، ويبقى أن الله -جل وعلا- هو المسعر القابض الباسط المعطي المانع، فالأصل أن التسعير لا يجوز، طيب لو لاحظ ولي الأمر أن التجار يمنعون بيع السلع إلا بأسعار مرتفعة، نقول: يترك الأمر للسوق والعرض والطلب، إذا كثرت في الأسواق رخصت، ويحرم الاحتكار، يلزمون بالبيع، يحرم الاحتكار، فإذا ألزموا بالبيع رخصت السلع، لا يستطيعون أن يرفعوا الأسعار، تبيع أنت وإلا يبيع غيرك، نعم، فإذا نظرنا إلى التشريع في هذا المجال وجدناه على أدق وصف وعلى أكمله وأرحمه بالناس عموماً، البائع والمشتري والمستهلك كلهم لوحظت مصالحهم، فالبائع لوحظت مصلحته بقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((لا تلقوا الركبان)) المشتري لوحظت مصلحته ((لا يبع حاضر لباد)) المستهلك لوحظت مصلحته بتحريم الاحتكار، الذي يليه.
وعن معمر بن عبد الله -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يحتكر إلا خاطئ)) رواه مسلم.
هذا الحديث عن معمر بن عبد الله بن نضلة العدوي أسلم، قديماً وهاجر إلى الحبشة، المقصود أنه صحابي معروف، وإن كان مقل في الرواية "معمر بن عبد الله -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يحتكر إلا خاطئ)) رواه مسلم.