لكن أنت افترض أن هذا الشخص حتى لو قلنا: إنه طول الأمد كما يقول بعضهم، نعم، حتى لو قلنا هذا لو أن شخصاً قذف محصنة، وشهد عليه الشهود وجلد، ثم تاب وحسنت توبته من الغد، ما في طول أمد، نقبل شهادته وإلا ما نقبل؟ الأصل أن الذي ترد شهادته بالنص .. ، الذي تقبل شهادته العدل، والذي يقابل العدل الفاسق، {إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا} [سورة الحجرات: 6] فتثبتوا، يدل على أنه إذا لم يتحقق هذا الوصف الذي رُتب عليه عدم قبول الشهادة إذا ارتفع ارتفع حكمه وتقبل الشهادة، والمسألة خلافية، وإذا قررنا هذا عرفنا هذا، وهو أنه استثناء تعقب ثلاث جمل عاد إلى الأخيرة بالاتفاق، ولم يعد إلى الأولى بالاتفاق، والثانية هي محل الخلاف، نرجع إلى عندنا؛ لأنه يوضح ما عندنا، نقول: الاستثناء يعود إلى الأخيرة اتفاقاً: "عن الثنيا ألا تعلم" لكن هل عوده إلى الأولى يرفع النهي؟ هذه محاقلة معلومة، وقلنا عن المحاقلة في تفسير جابر: الرجل يبيع الزرع بجنسه، الزرع من الحنطة في سنبله بحنطة جاهزة للأكل، هل نستطيع أن نقول: إلا أن تعلم يمكن أن يعود إلى هذا؟ لأن لو علمت ما صارت محاقلة، فلا يمكن العلم بها، لا يمكن أن نعلم بدقة ما التساوي مع المبدل منه، فهذه الجملة لا تعود إلى الجملة الأولى: نهى عن المحاقلة؛ لأن هذا الشرط لن يتحقق، ولو تحقق ما صارت محاقلة، وقل مثل هذا في المزابنة والمخابرة.
وفي حديث أنس: "نهى عن المحاقلة" وهذه تقدمت، والمخاضرة: المخاضرة قالوا عنها: إنها بيع الزروع والثمار وهي خضراء، لم يبدو صلاحها، زرع أخضر ما بدا صلاحه، على رؤوس النخل ثمره وهو أخضر، لم يبدو صلاحه، قبل أن يزهي، وبدو الصلاح إنما يكون بإيش؟ إن يحمر أو يصفر، وبدو الصلاح في العنب أن يتموه حلواً، وبدو الصلاح في الحب أن يشتد، فإذا بيع قبل هذه الصلاحية للاستعمال فإنه يكون حينئذٍ من باب المخاضرة من وصفه، الغالب أن لونه أخضر في هذه الحالة، الزرع أخضر، ثم النخل أو طلعه أخضر، والعنب أخضر، في هذه الحالة.