يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"عن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- قال: "نهى عمر عن بيع أمهات الأولاد" فقال في شأن أم الولد: "لا تباع، ولا توهب، ولا تورث" لماذا؟ لأن ولدها أعتقها، بولادتها صارت حرة في باب البيع والشراء، أما في باب الخدمة والمهنة والقسم، فهي لا تزال في حكم الإماء، ففيها شوب حرية، وفيها شوب رق، شوب حرية لأن ولدها أعتقها، فلا يجوز بيعها، وهذا منزع أمير المؤمنين عمر -رضي الله تعالى عنه-، وفيها شوب رق باعتبار أنها لا تعتق العتق التام إلا بوفاة سيدها، فهل تعامل معاملة الأحرار في عدم البيع فتدخل في حكم من باع حر فأكل ثمنه؟ أو تدخل في حكم الأرقاء في جواز البيع؛ لأن عتقها لم يحن إلا بوفاة سيدها؟ وهنا يمكن أن يستعمل قياس الشبه، وهذا فيما لو خلت المسألة عن النصوص؛ لأنها مشبهة للحر من وجه، ومشبهة للرقيق من وجه، عمر -رضي الله تعالى عنه- والخبر موقوف عليه، نهى عمر عن بيع أمهات الأولاد، أم الولد هذه التي تلد بسبب وطء سيدها، لكن إذا ولدت من وطء غيره، إما بإنكاحها من رقيق، أو من حر لا يجد طول حرة، تصير أم ولد وإلا لا؟ فليست أم ولد هذه، بل ولدها رقيق مثلها؛ لأن الولد يتبع أمه حرية ورقاً، نهى عمر عن بيع أمهات الأولاد، وهذا الباب كله فيه غرابة وبُعد عن الواقع الذي نعيشه؛ لأنه لا يوجد هذا النوع من البشر، بل هو ملغى كما تعلمون، ولذلك أحكامه قد تخفى على بعض الخاصة، ومن أحكامه ما يصعب فهمه؛ لأن الناس هجروا دراسته كتاب العتق والرق وما يلتحق به هُجر لأنه غير عملي على حد زعمهم، وهو باب من أبواب الدين لا يجوز تركه، والفقه فيه كالفقه في غيره، داخل في حديث معاوية -رضي الله عنه-: ((من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين)) في جميع أبوابه، ومنها ما يتعلق بالرق والعتق، وما أشبه ذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015