"وعنه" يعني عن جابر صحابي الحديث السابق "قال: أعتق رجل منا" يعني من الأنصار "أعتق رجل منا عبداً له عن دبر" يعني علق عتقه بوفاته، قال: إذا مت فأنت حر، ويسمى المدبر، "لم يكن له مال غيره" المدبر المعلق عتقه بالوفاة حكمه حكم الوصية، التي لا تثبت إلا بالموت، فيجوز بيعه في حال الحياة، كالمال الموصى به بعد الوفاة؛ لأن للموصي أن يتصرف في حال حياته؛ لأن العقد لم يثبت وليس بملزم؛ لأنه معلق بالوفاة، فقبل الوفاة له أن يزيد من النسبة أو ينقص، أو يبيع ما يحتاج إليه، وله أن يغير، أوصى بهذه الدار ثم غيرها، أوصى بالثلث ثم نقص منه إلى الربع وهكذا، ما دام الشرط ما تحقق فله أن يتصرف.
"أعتق رجل منا عبداً له عن بدر لم يكن له مال غيره" فكأنه أوصى بجميع ماله، والوصية لا تنفذ إلا بالثلث فأقل، حديث سعد: "أتصدق بجميع مالي؟ بثلثي مالي؟ بنصف مالي؟ بثلث مالي؟ قال: ((الثلث، والثلث كثير)) "لم يكن له مال غيره" هذا جميع ماله، جميع ما يملك "فدعا به النبي -عليه الصلاة والسلام- فباعه" لأنه ليس له أن يوصي، لكن لو أعقته عتقاً منجزاً، كما لو أوقف الدار، وهو لا يملك غيرها، هذا يختلف الحكم، النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((من يشتريه؟ )) فاشتراه نعيم بن عبد الله النحام، أو ابن النحام، بثمانمائة درهم، فدفعها إليه، قال: أنت أحق به منه، أنت أحق بهذا المال ما دام لا تملك غيره، فهذا المدبر حكمه حكم الوصية يجوز التصرف به قبل الموت، لا سيما إذا دعت الحاجة إلى ذلك، كما في هذا الحديث.
اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.