"قلت: لا، ثم قال: ((بعنيه)) فبعته بأوقية" وليس في هذه حجة لمن له سلطة أن يلزم من تحت يده على أن يبيعه ما يريد بما يريد؛ لأن بعض الناس يولى أمر من الأمور، ثم يتسلط على من تحت يده، شاف عنده سيارة زينة، قال: هذه ما تصلح إلا لنا بعنيها، مسكين جانبه ضعيف، يخشى على وظيفته، يخشى على مستقبله، يبيع، أو يذكر عنده بنت متميزة وإلا شيء يقول: زوجنيها من واقع هذه المسؤولية.
النبي -عليه الصلاة والسلام- ليس لهذا، قال: ((بعنيه بأوقية)) لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- في الأخير: ((أتراني ماكستك لأخذ جملك؟ )) ليس هذا هو المقصود منه -عليه الصلاة والسلام-، إنما يريد إكرام جابر، فقال: ((خذ جملك ودراهمك)) يعني ما في بأس أن يقول المدير بعني سيارتك بخمسين ألف، وهي تستحق مائة ألف ثم يقول له: والله ما أنا ببايعك، إلا بعنيها ثم يعطيه الخمسين والسيارة طيب، "ثم قال: ((بعنيه)) فبعته بأوقية، واشترطت حملانه إلى أهلي" بيع وشرط، وجاء النهي عن بيع وشرط، وحمله الأكثر على أنه الشرط الفاسد، وحمله بعضهم على عمومه أنه لا بد من أن ينفصل البيع عن الشرط، يبرم عقد البيع، فإذا انتهى عقد البيع أجره إياه، أو طلب منه أن يركبه أن يعيره ظهره فلا مانع، يجيب بعضهم عن هذا الحديث ممن لا يجيز الشرط مع البيع، يقول: إن هذا ليس على سبيل العقد والإلزام، بدليل أن النبي -عليه الصلاة والسلام- ما كان في نيته أن يشتري الجمل، إنما أراد إكرام جابر، وهذه قضية عين لا يقاس عليها، هذا تفضل من النبي -عليه الصلاة والسلام-، والجمل والثمن كله لجابر، والحديث لفظه صريح "اشترطت حملانه" وإذا كان في علم النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه يريد رد الجمل والثمن، فإن هذا لم يكن في علم جابر، وهو الطرف الآخر، يعني لو كان في علم الطرفين على حد سواء أنه مجرد إكرام وليس بعقد قيل مثل هذا الكلام، لكن جابر جازم بأنه باع الجمل، واشترط الحملان، والاشتراط ظاهر.
يقول: "فعبته بأوقية واشترطت حملانه إلى أهلي" فدل على جواز اشتراط مثل هذا، ويجاب عن الحديث الآخر بأنه محمول على الشروط الفاسدة.